بعد كل هذا نقول شكراً إيطاليا ولا عزاء لفقاقيع هواء التاريخ والإنسانية
ضربت الحكومة الايطالية اروع الأمثلة في الدبلوماسية الدولية ودعم العلاقات بين الدول الحليفة والصديقة ومواجهة محاولات الوقيعة فبعد الحادث الإرهابي الغاشم باستهداف وتفجير مبني القنصلية الإيطالية بالقاهرة  توقع الكثيرون خاصة من المتربصين بمصر والساعين لهدم الدولة وتقويض استقرارها ردود أفعال غاضبة ومتسرعة من إيطاليا وبالتالي كل الحكومات الأوربية  لكن خاب ظنهم وماتوا بغيظهم  وكان الرد الإيطالي علي قدر العلاقات المتميزة بين البلدين علي مر العصور  وفور وقوع التفجير بادر رئيس الوزراء الإيطالي بالاتصال بالرئيس عبد الفتاح السيسي وإعلان تضامن بلاده مع مصر وتأكيد أن الحادث الإرهابي لن ينال من العلاقات بين البلدين أو الدعم الإيطالي لمصر  بل وسارعت الحكومة الإيطالية بارسال وزير خارجيتها إلي القاهرة بعد الحادث بأيام قليلة  وزار مقر القنصلية واجتمع بالرئيس ولخص وزير الخارجية الايطالي الموقف الذكي والمتميز لبلاده وقوة العلاقات بين البلدين في مؤتمره الصحفي مع وزير الخارجية سامح شكري فقد أعلن رفض بلاده التدخل في الشأن المصري أو تنصيب نفسها حكما لما يحدث بها وحتي يموت المتربصون غيظا أكد الوزير الإيطالي تفهم بلاده ودعمها لحرب مصر علي الإرهاب وهي حرب أمنية وسياسية وثقافية وثمن جهود مصر في تجفيف منابع الإرهاب بل وأكد ثقة بلاده في نجاح الأمن المصري في محاربة الإرهاب ووجه الشكر للحكومة علي التأمين المشدد للبعثات الدبوماسية لبلاده بمختلف أنحاء مصر
هذه هي الدول الكبري ذات الحضارة والأصول التاريخية  ولعل المقارنة بين الدول ذات التاريخ والدول الاخري التي تعد نبتاً شيطانياً ونتوءات لا تري علي خريطة العالم ظهرت في الحوار الذي أجرته قناة الجزيرة   القطرية   مع رئيس الوزراء الإيطالي بعد الحادث  فالقناة وبحكم ثقافة وتاريخ وفكر الموجهين لسياستها حاولت استعداء المسؤول الإيطالي الأول ضد مصر وتحريض علي التصريح ضدها وضد رئيسها بأسئلة ساذجة وسطحية وجاء رد الرجل بقدر بلده وبحجم مصر وتاريخيهما مكررا دعم بلاده لمصر ورئيسها  ولأنه رجل ذكي يدرك فخ القناة المغرضة زاد في تصريحاته معلنا أن السيسي زعيم وطني قوي وهو الوحيد القادر علي قيادة مصر وتحقيق استقرارها  كان نفسي اشوف رد فعل تلك التصريحات علي مسئولي القناة ومن يقفون خلفهم في الدوحة
هذه هي ثقافة وسياسة الدول ذات التاريخ والحضارة ولا عزاء لفقاعات الهواء العائمة للأسف علي خليجنا العربي تلوثه وتحاول تسميم مياهه
بقي أن نشير إلي نقطتين مهمتين في العلاقات المصرية الإيطالية  أولها أن القنصلية الإيطالية التي طالها التفجير تضم واحدة من أفضل البعثات الدبلوماسية في مصر سواء من حيث كفاءة العاملين بها او مرونتهم وحسن تعاملهم مع المصريين للدرجة التي تليق بالعلاقات المتميزة بين البلدين
أما النقطة الثانية فهي أن العلاقات بين مصر وايطاليا نموذج للعلاقات الدولية في كافة المجالات فايطاليا هي الشريك التجاري الأول لمصر في أوربا والثاني عالمياً والسوق الأكثر استيعابا للصادرات والعمالة المصرية وجاليتنا بإيطاليا من اكبر الجاليات الخارجية ومن أكبر الدول استثمارا بمصر  ويكفي أن إيطاليا لم تتخذ موقفاً عدائيا من مصر سواء بعد ثورة يناير أو ثورة يونيو مثلما فعلت دول أوربية عديدة وهي الدولة الوحيدة التي تتمتع باستقرار استثماراتها بعد الثورتين
والعلاقات المصرية الدولية ثابتة وقوية في جميع المجالات علي مدار التاريخ.. ويكفي أن نعلم أن محمد علي باشا كان اعتماده الأساسي علي الخبراء الإيطاليين في بناء مصر الحديثة وهم من بنوا الأوبرا الملكية في عهد الخديوي إسماعيل  وهم من بنوا المتحف المصري ومن أكبر البعثات للتنقيب علي الآثار