ليس غائبا علي أحدأن الدول العربية والإسلامية بشكل خاص وكل دول العالم بشكل عام لها مصلحة فيما يتعلق بالحفاظ علي أمنها واستقرارها. هذا يفرض عليها حتمية التصدي لأعمال التطرف والبلطجة والجرائم الوحشية التي يرتكبها تنظيم داعش وكل التنظيمات المتشابهة من خوارج الإسلام الذين يشوهون الدين العظيم بالممارسات الاجرامية غير المشروعة. ان تنظيم داعش يعد من إفرازات السياسات والمؤامرات الأمريكية حيث ظهر الي الوجود مع عملية التآمر علي العراق وسوريا مستهدفا بعد ذلك كل الدول العربية. توصيف الموقف الأمريكي وارتباطه بظهور هذا التنظيم الإرهابي يذكرنا بحكاية المثال الذي قام بصنع تمثال لمخلوق علي هيئة وحش وحينما دبت فيه الحياة انطلق يخرب ويدمر لينتهي الأمر بأن يكون المثال صانعه أحد ضحاياه. هذه الحكاية الأسطورية تجعلنا ندرك أن هذا المثال هو الولايات المتحدة التي قامت سياساتها علي تخريب وتدمير الدول العربية انتقاما لجريمة الهجوم علي مركز التجارة العالمي بنيويورك عام ٢٠٠١ بواسطة محسوبين علي المتطرفين الذين صنعتهم أمريكا ويدّعون الانتساب إلي الإسلام البرئ منهم. ولا يغيب عنا في هذا الأمر ان السياسات الأمريكية العدوانية تجاه العرب بدأت منذ عشرات السنين بتسليم فلسطين لليهود الصهاينة. وفي السنوات الأخيرة قامت بغزو العراق وتدميره في إطار الاستراتيجية المخابراتية التي استهدفت نشر الخراب والدمار في العالم العربي تحت شعار الفوضي الخلاقة. الشيء الذي يجب ان يذكر هو ان ايمان المخططين الأمريكيين بهذه المؤامرات قام علي ان يكون محور تحركهم متوافقا علي المثل العامي الذي يقول »خد من دقنه وافتله»‬. بناء علي ذلك فإن الحرب التي شنوها علي العراق استغلالا لجريمة غزو الكويت التي كانوا وراءها حمّلوا دول الخليج العربي البترولية كل تكاليفها وزيادة. هذا يعني ان واشنطن لم تدفع مليما واحدا من ميزانيتها يضاف إلي ذلك المكاسب الهائلة التي حققتها مصانع السلاح الذي تم استخدامه في هذه الحرب. تواصلا مع هذه المؤامرات فانه لا يمكن نسيان ان المخابرات الأمريكية كانت وراء قيام صدام حسين بخوض حرب مدمرة ضد إيران لخدمة مصالحها. بعد ذلك جري تحريضه اعتمادا علي غبائه من خلال سفيرتها في بغداد علي غزو الكويت حتي تجد مبررا للقضاء علي الدولة العراقية ودفعها بعد ذلك للتوجه إلي التناحر الطائفي والجنوح الي التقسيم. تكريسا لمخططها وبعد انتهاء احتلالها بمعاونة الحليفة العميلة لتركيا تم اختلاق تنظيم داعش الارهابي علي هامش مؤامرة تدمير سوريا وهو ما يجعلها غير بريئة من انها كانت وراء ظهوره علي الساحة في المنطقة. الجديد في التحرك الأمريكي الحالي هو التخطيط لان يتحول تنظيم داعش إلي بعبع يهدد أمن واستقرار كل الدول العربية ليسهل عليها تبرير الدعوة إلي تشكيل حلف دولي لمواجهة هذا العمل الارهابي التتاري قاطع الرءوس. حول هذا الأمر فانه لا يمكن إغفال هدف رحلة كيري إلي دول الخليج العربي والتي جاءت بعد تصريح المتآمر أوباما حليف التنظيمات المتطرفة بأن القضاء علي داعش سيحتاج إلي ثلاث سنوات. من المؤكد ان أمريكا تستهدف قيام هذه الدول بدفع كل تكاليف محاربة داعش الصنيعة الأمريكية علي نفس منوال ما حدث بالنسبة لغزو صدام حسين الكويت. لا تفسير لهذا السلوك الأمريكي التآمري سوي ان واشنطن ودول الغرب يستكثرون الفوائض المالية الهائلة التي حققتها دول الخليج العربي من أموال الثروة البترولية التي حباها الله بها. إنهم يسعون لان تكون هذه الحرب مجالا لانفاق هذه الأموال في شراء السلاح الغربي الصنع لتعمير جيوبهم ودعم اقتصادهم. إذن فانه يمكن ان نقول ان هذا الذي يجري ما هو إلا جزء من المخطط التآمري المستمر علي المنطقة  العربية. في هذا الإطار فانه يجب ان نسقط من حسابنا ما يحاولون إيهامنا به بأن وراء تحركهم أي قيم أخلاقية أو إنسانية.