‎نفس الشعور الذي ينتابك لحظة أن تري زهرة تزوي، أو شجرة يتم قطعها، أو بيت قديم يتحول إلي برج أسمنتي مخيف، أو ربما حصان يطلقون عليه رصاصة الرحمة (أو هكذا يظنونها الرحمة)..نفس الآسي، ونفس الشعور بالفقد، هو ما ينتاب سكان مصر الجديدة الآن، بعد قرار محافظة القاهرة بإزالة (متروالميرغني) نزع الأسلاك الكهربائية، ونزع القضبان الحديدية التي يتحرك عليها المترو، منذ أكثر من مائه عام (1910) ردموا خطوط المترو في شارعي (الثورة) و(عبد الحميد بدوي) ورصفوا فوقها، حتي دون نزع القضبان الحديدية ! وأزالوا خطوط المترو في شارع (الميرغني) لتوسيع الطريق أمام قصر الأتحادية ( رغم أن الطريق واسع بالفعل، ولا يعاني أي أختناقات مرورية )! ‎ من يهدم لا يعرف معني البناء وقيمته، لا يعرف سوي الهدم وثقافة الخراب، دون أسباب منطقية، أو أسباب واضحة، فلا يعرف أحد حتي الآن الأسباب وراء أزاله المترو، هل هي أسباب أمنية ؟ ام أسباب جمالية ؟ ام حل لمشاكل مرورية ؟ ولماذا لم يأخذ أحد برأي سكان الحي، قبل أن يستيقظوا فجأة علي أصوات المعاول والهدم، تقطع بعضا من أيامهم، وتاريخهم، وثقافتهم، وذكرياتهم، وذاكرتهم البصرية ! ‎كنا ونحن صغارا نعتبر المترو نزهتنا اليومية الممتعة، نقطع (التذاكر) ذهابا وعودة، كان العشاق يفعلونها أيضا، وكانت أفلام السينما تعتبر المترو أحد المعالم الحضارية لمصر الجديدة.   ‎  مصر الجديدة نشأت في الأساس من خط المترو، حيث مد “البارون أمبان” مؤسس مصر الجديدة 1905خط سكة حديد من أقصي أطراف القاهرة، ولمسافة 15 كيلو في قلب الصحراء ،التي صارت مدينة جميلة...وصل المترو من مصر الجديدة حتي ميدان التحرير، ثم تراجع ليتوقف في ميدان رمسيس، ثم تراجع أكثر، فيطالبوا بأزالته والقضاء عليه! ‎صحيح أن المترو لم يعد الوسيلة الأحدث، ولا الأسرع بسبب      الأهمال، وتوقف أعمال الصيانه سنوات طويلة، لكن بالتأكيد الهدم والأزالة ليس أحد الحلول. ‎أهالي مصر الجديدة في محاولة لأنقاذ خطوط المترو المتبقية، يسعون لإيجاد التمويل الكافي لتجديد وصيانة تلك الخطوط، بدلا من إزالتها كما يحدث الآن.