إن تشخيص جذور المشكلة ووضع الحلول لها تحتاج إلي تكاتف أسري ومجتمعي وقانوني، ولا نكتفي فقط بمبادرات الرصد والتوثيق والابلاغ

أتعجب  من تزايد انتشار ظاهرة التحرش الجنسي بالفتيات والنساء خلال الأعياد، نعم التحرش موجود طوال العام، ولكن لماذا تزداد نسبته خلال مواسم الأعياد في مصر، سؤال يؤرقني، في أواخر شهر رمضان المبارك نشطت المبادرات المجتمعية وتدشين غرف العمليات، من الجمعيات والمؤسسات المدنية لرصد وتوثيق حالات التحرش ووضع الخطط لمكافحته خلال عيد الفطر، وتخصيص خطوط الهواتف الساخنة لتلقي البلاغات ومساعدة الناجيات من التحرش الجنسي قانونياً، هل تعلمون أن مصر ثاني دولة علي مستوي العالم في التحرش الجنسي بالفتيات والنساء بعد أفغانستان، هي صدمة بكل المقاييس، أن تكون مصر التي صدرت الحضارة والأخلاقيات للعالم قد وصل بها الأمر أن تتم إهانتها بمجموعة قليلة من الصبية والشباب صغير السن، والذي أدت أعمالهم اللاأخلاقية إلي أن نكون مضغة في أفواه الدول التي تحذر رعاياها من التعرض للتحرش الجنسي في الشوارع المصرية خاصة خلال الأعياد، وأن نكون مضغة في أقلام وكتابات الصحف العالمية التي تصف مصر بأنها واحدة من أسوأ دول العالم في نسبة التحرش بالنساء في الشوارع والأماكن العامة، لقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل مخيف، ولم يخل الشهر الكريم من بعض حالات التحرش جهاراً نهاراً وقت الصيام وفي الأماكن التي تكثر بها الطقوس الدينية كمنطقة الحسين، وفي ادعاء البعض بأن حجاب المرأة يمنع من التحرش بها، نجد أن 72 % ممن يتعرضن للتحرش محجبات، كما جاء في الدراسة التي أعدها المركز المصري لحقوق المرأة، ماذا يعني هذا ؟، بدأت أشك، والأمر لله، أن في الظاهرة مؤامرة، مؤامرة علي مصر وشبابها وفتياتها ونسائها، فمن المسئول عن انتشار التحرش الجنسي، ومن المسئول عن مكافحته، من هؤلاء الصبية الذين ينتشرون خلال المواسم والأعياد لإرباك المشهد المصري، ووضعنا في هذه الصورة السيئة أمام العالم، هل هي الحالة الإقتصادية، هل هي البطالة، هل هو تقصير من الأمن في مواجهة المشكلة، هل يعود إلي انعدام الوازع الديني في ظل انتشار ما تقدمه بعض وسائل الإعلام من مواد فنية غير لائقة تثير الغرائز، و.. و.. ؟، وما هو السبيل للحد والقضاء علي هذه الظاهرة ؟، المفيد في الأمر أن معظم الفتيات والنساء لم يعدن يرهبهن التحرش بهن في الطرق العامة، وبدأن في مواجهته بأنفسهن، سواء بالضرب أو الإبلاغ، وفي هذا الأمر صحة وإفادة، ولكن هل هذا يكفي، أعتقد والأمر لله أن القضاء علي ظاهرة التحرش لن تنتهي إلا بعودة المؤسسة الدينية المتمثلة في الأزهر الشريف إلي مكانته الطبيعية في قلوب المصريين، وعودة الخطاب الديني الوسطي المعتدل إلي ما كان عليه طوال تاريخه، وعودة وانتشار الدعاة الصالحين في المساجد ودور العبادة، ليس هذا فقط، أيضاً عودة الأسرة المصرية إلي ما كانت عليه قبل أربعة عهود مضت، ومثل ما يقال بالعامية « اللمة « التي كانت تجمع أفراد الأسرة حول مائدة الطعام، ووقت الصلاة، ووقت المشاهدة للتليفزيون، عودة الأب والأم لدورهما الطبيعي في رعاية الأبناء وتربيتهم، عودة المدرسة إلي ممارسة دورها التعليمي والتربوي، عودة الأعراف والتقاليد والأخلاق الحميدة، مع وجود قوانين صارمة تنص علي معاقبة المتحرشين، إن تشخيص جذور المشكلة ووضع الحلول لها تحتاج إلي تكاتف أسري ومجتمعي وقانوني، ولا نكتفي فقط بمبادرات الرصد والتوثيق والإبلاغ.