في كل عيد أو علي ما تفرج كانت أم وجدي غنيم الذي أطلق علي نفسه لقب الشيخ الذي لا يستحقه، تأخذ ابنها فم غسيل في الطشت الألامونيا الصدئ بعدما يلعب في الحارة.. كانت المياه التي تلقيها الأم التي أنجبت أقذر من رأيت وسمعت قذرة بلون السواد الذي في قلب الابن، ليته كان ينظف، بل كان يزداد سوادا حتي كبر وانت تعرف الباقي.

ابن أم وجدي تذكر هذا الطشت وقذارته فتصور أن الدنيا كلها سوداء بلون المياه التي تملؤه، وقرر بما أنه شيخ مزيف يضحك علي من يؤونه في قطر أن يشبه أعظم انجاز لهذا الجيل من شباب مصر وهو مشروع ازدواج قناة السويس العظيم بهذا الطشت القذر.. مبروك عليك أنت ومن معك طشت أمك.. ومبروك علينا وعلي كل المصريين وعلي كل العالم هذا الانجاز التاريخي العظيم.

عشت يوما من أروع أيام حياتي كلها وأنا في ضيافة الفريق الخلوق الصبور المخلص مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ووسط مجموعة من شباب مصر الرائع الذين صنعوا تلك الملحمة الرائعة.. والأجمل أننا ونحن مجموعة رؤساء التحرير وكبار الكتاب في مؤسسة أخبار اليوم نبحر في لنش الهيئة وننتقل من القناة الأولي التي حفرها جدودي إلي الثانية التي حفرها أبنائي، كان الرئيس المخلص لوطنه وشعبه عبد الفتاح السيسي يحلق بطائرته فوقنا ليري بنفسه القناة الجديدة وقد اكتمل حفرها وقبل افتتاحها بعدة أيام.

بالطبع سوف يندهش العالم كله من كل هذا الحجم من الانجاز الذي تحقق في أقل من سنة.. كان مقدرا له ثلاث سنوات علي الأقل.. لكن الرئيس السيسي في يوم اطلاق العمل في المشروع أصدر أوامره بأن يتم التنفيذ في عام واحد.. «احنا متأخرين قوي ولازم نحقق في أربع سنوات ما كنا سنحققة في أربعين سنة.. عاوز آجي هنا بعد سنة وأفتتح القناة الجديدة.» وماكان من الفريق مميش الا الرد : تنفذ ياأفندم.. ومن تلك اللحظة بدأت الملحمة.

تبلغ تكلفة المشروع نحو ثمانية مليارات دولار.. في ثلاثة أيام فقط جمع المصريون 64 مليار جنيه لتمويل المشروع.. وامتلأت منطقة الحفر بآلاف الشباب علي المعدات الضخمة التي شاركت في الحفر من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وبعض الشركات الوطنية وعدد من الشركات العالمية.

الهدف من المشروع هو حفر مجري ملاحي جديد بطول 35 كيلومترا بعمق 24 متراً وعرض 320 متراً عند صفحة المياه وبغاطس 66 قدماً.. وتوسيع وتعميق التفريعات الغربية الحالية بطول إجمالي 37 كيلومترأ وبعمق 24 مترا بغاطس 66 قدماً وتشمل التفريعات بمنطقة البحيرات المرة الكبري (27 كيلومتراً) والتفريعة الغربية للبلاح بطول 10 كيلومترات. وبذلك يصل الطول الإجمالي للقناة الجديدة 72 كيلومتراً. واعمال تكريك بكميات حوالي 250 مليون متر مكعب ( حفر تحت منسوب المياه ) بتكلفة تقديرية 15 مليار جنيه.. وأعمال حفرعلي الجاف بكميات حوالي 258 مليون متر مكعب بتكلفة تقديرية 4 مليارات جنيه.. وإزالة تكسيات وستائر بطول حوالي 30 كم وإنشاء تكسيات جديدة بطول 100 كيلومتر وبتكلفة تقديرية 500 مليون جنيه.

وكما أطلعنا الفريق مميش خلال الزيارة فإن المشروع يهدف إلي زيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة وتحقيق أكبر نسبة من الازدواجية في قناة السويس بهدف تقليل زمن العبور بالنسبة لقافلتي الشمال والجنوب ليكون 11 ساعة بدلاً من 18 ساعة وذلك بتخفيض زمن الانتظار للسفن العابرة وهو ما سينعكس إيجاباً علي تقليل تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن، ويسهم في زيادة الطلب علي استخدام قناة السويس باعتبارها الاختيار الأول لخطوط الملاحة العالمية ورفع درجة تصنيف القناة لدي المجتمع الملاحي العالمي. كما يهدف المشروع إلي زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن في القناة ليصل إلي 97 سفينة يومياً عام 2023 بدلاً من 49 سفينة عام 2014. هذا بالإضافة إلي زيادة عائدات القناة لتصل إلي 13.2 مليار دولار عام 2023 بدلاً من 5.3 مليار دولار عام 2014بزيادة 259 %.. وخلق ما يقرب من مليون فرصة عمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاورة وخلق مجتمعات عمرانية جديدة.

العظمة في المشروع هو أنه بفكر مصري وقرار مصري وتمويل مصري.. وبأياد مصرية.. لذلك فالفرحة مصرية.. ولا أجد ما أختم به سوي كلمات الشاعر العظيم كامل الشناوي :

وصاح من الشعب صوت طليق

قوي..أبي.. عميق.. عريق

يقول أنا الشعب والمعجزة

أنا الشعب لا شئ قد أعجزه

وكل الذي قاله.. أنجزه.