من هناك ، أو من هنا (من حياة الناس ، من هذا الفرن البلدي القديم الذي كان يقف أمامه الخباز في أحيائنا الشعبية بجبهة عرقانة) تبدأ مجلة أمكنة (وهكذا تبدأ دائما) عددها الحادي عشر عن »مسارات الثورة» ..يأتي العدد الجديد بعد 3 سنوات من التوقف والغياب ، لا لشيْ سوي »الثورة» نفسها ، فلم تهنأ فكرة واحدة بالاستقرار، كانت الأفكارالمقترحة للعدد الجديد تتقادم يوما بعد يوم ، بينما تتسارع الأحداث وتتلاحق ، كل فكرة كانت تتلاشي أمام إيقاع الثورة ، حتي الأفكار التي أمتلكت من قبل ، قدرا من الاستقرار والرسوخ ، بدت قابلة للاهتزاز والتغيير ..بدأ الجميع في مواجهة مفتوحة بينهم وبين ذواتهم.. هكذا يراجع الشاعر علاء خالد( رئيس تحرير مجلة أمكنة) كثير من الأفكار والمفاهيم ، ويعيد اكتشاف »الجمهور» الأدق يعيد اكتشاف »الجموع» و»الحشود» ويعيد الاعتبار »للشعب» تلك المفردة التي نسيناها سنوات ، وتصورنا أنها أنقرضت ..يقول علاء خالد ( للمرة الأولي نتعرف علي أنفسنا في وجود الجموع وتحت أعينهم.. للمرة الأولي لم تعد الجموع هي الآخر الذي تخشاه وتخشي مراقبته وحده لحريتك ، أو الجموع المتواجدة فقط في كتب التاريخ.. لم تعد الجموع مأزقا نظريا ، وإنما مادة خام ، الضلع الأعوج للخلق). هي ثورة (يناير2011- يونيو2013) تلك التي تأسست علي الكثافة البشرية ، والحضور البشري بكل أشكاله وتجلياته. في أفتتاحية العدد الجديد من »أمكنة» مسارات الثورة (1) يقدم الشاعرعلاء خالد صياغة أبداعية للثورة ، بكل وجوهها وأزمنتها المتعددة ، والمتناقضة ، والكاشفة ( كنا حصاة في مجري نهري طويل انفتح فجاءة أمامنا ، نرتجل أكثر مما نخطط ، ومن فرط دهشتنا لهذا التوسع الفجائي في شرايين الأمل ، لم نجد بين أيدينا سوي الموت لنرد الجميل.. كنا نستعجل فناءنا ونحن نطلب الحياة ..كان لدينا تخوف من يخشي أن يفقد تحويشة العمر ، وبالفعل كانت الثورة هي تحويشة العمر لهذا الشعب).. تلك قصيدة »أمكنة» عن الثورة.