لم يكن اكثر المتشائمين يتصور ان تحتل مصر المركز 141 في مؤشر التنافسية العالمي من حيث جودة التعليم  من بين 148 دولة. فرغم ادراكنا جميعا التدهور الذي اصاب العملية التعليمية بكافة عناصرها في العقود الثلاثة الاخيرة شأنها في ذلك شأن الصحة والكهرباء والطرق والخدمات الحكومية الاخري، الا انني شخصيا لم اكن اتصور ان الانهيار وصل الي هذه الدرجة المحزنة. نعم.. هناك فارق كبير بين مستوي التعليم في عقدي  الستينيات والسبعينيات ومثيله حاليا، نلحظه جميعا في عيون ابنائنا، . فقد تحولت المدارس الي مجرد سوق مفتوح يصطاد فيه معلمو الدروس الخصوصية زبائنهم. الفصول غالبا فارغة بعد ان يتم الاتفاق علي المجموعات الخارجية بين الطلاب ومعلميهم، والادارة لاتحرك ساكنا. الكتب المدرسية لايستخدمها احد في ظل تسابق تجار التعليم لطرح كتب خارجية لاترتقي بمستوي الطالب العلمي بقدر ماتدربه علي كيفية التعامل مع اوراق الامتحانات وتحصيل اعلي الدرجات. اما المعامل فلاوجود لها ونفس الامر بالنسبة للانشطة الطلابية المختلفة. كان طبيعيا وسط هذا التردي، ظهور  بعض خريجي المدارس الفنية وحتي الجامعات لايتقنون مجرد القراءة والكتابة بشكل صحيح، فمابالك بمستوي قدراتهم في تخصصاتهم العلمية.ناهيك عن ابتعاد الجامعات عن احتياجات  سوق العمل، مماادي الي انتشار البطالة وماخلفته من موبقات مثل تعاطي المخدرات والبلطجة والاغتصاب والارهاب والانهيار الاخلاقي والاجتماعي. انني هنا لا أبحث عن المتسبب فيما جري. فحسابه عند ربه. لكن ماأتمناه حقا وبشكل ملح، هو أن أري وألمس بشكل جلي مع بداية العام الدراسي الجديد ، رياح الثورة في مدارس مصر وجامعاتها، لاصلاح ما اقترفه المفسدون، وانتشال النظام التعليمي من الهوة السحيقة التي سقط فيها.