متي نري هنري كيسنجر مصرياً؟. تذكرت كيسنجر عندما رأيت صورته مع الرئيس السيسي، ذلك العجوز الماكر الذي رسم خريطة العالم منذ 40 عاما ومازالت خططه سارية وتستكمل في مطبخ السياسة الأمريكية. كان مستشارا للأمن القومي الأمريكي ثم وزيرا للخارجية والمنصبان هما الأكثر أهمية داخل الإدارة الأمريكية. يعمل كيسنجر أستاذا للعلوم السياسية بجامعة هارفارد الجامعة رقم واحد في العالم لكن تم الاستعانة به في صنع السياسات والخطط الاستراتيجية الأمريكية التي يسير عليها العالم راغبا أو مجبرا، وهو الذي صنع التقارب الصيني الأمريكي بسياسة بنج بونج الرياضية مزيلا الاحتقان في العلاقات مع العملاق الأصفر. في مصر نفتقد ونفتقر إلي مثل نوع كيسنجر. ربما يكون مثله كثيرين في معامل أقسام السياسة ولكن الدولة أو النظام لا يستعين بهم ويفضل إسناد مثل هذه المهام إلي موظفين تقليديين مثل السفراء وغيرهم وهو ما يجعل خططنا الاستراتيجية فقيرة في طموحاتها وإبداعها. صار لدينا حرج وحذر من الاستعانة بأشخاص من خارج المؤسسات المعنية، فلا وزير للخارجية إلا لو كان سفيرا !! ولا وزير للداخلية إلا لو كان لواء عريقا في الرتبة حتي لو كانت تلك المؤسسة فقيرة في كوادرها، بل عندما رشح الدكتور أسامة الغزالي حرب وزيرا للثقافة وهو مثقف حقيقي تربصوا به وأوقفوا العمال والفراشين لمنعه من تولي الوزارة. . إن من يصنع الاستراتيجيات ليس الأوتوقراطيين أو البيروقراطيين إنما يصنعها المبدعون أصحاب الخيال اللانهائي الذين يضعون بصمتهم وبصمة بلادهم علي خريطة العالم. فهل ينسي العالم كيسنجر وأمثاله،  هل ينسي التاريخ الكاردينال ريشيللو الفرنسي الذي كان له الفضل في ظهور مفهوم رجل الدولة،  هل ينسي ميترنيخ الثعلب النمساوي ذلك الأمير الذي نصب الشرك لنابوليون وأعاد بقيادته رسم خريطة أوروبا. إن التاريخ لا يكتبه رجال الأعمال أو المقاولون أو الموظفون، إنما يخططه ويرسمه ويبنيه أصحاب العقول ورجال الخيال ذوو الرؤية الثاقبة. متي نري مثلهم في مصر ؟.