لكن الفكرة لا تزال ماثلة أسوقها للمهندس ابراهيم محلب لعلها ما كان يقصدها في حديثه التليفزيوني بالأمس القريب

دائما يتجه الخلاقون إلي مناطق التحول في تاريخ الشعوب، كل الذين فكروا في شق قناة لربط البحرين كانت الإنسانية في وجدانهم وان اختلفت منازع الرجال لديهم، ومصر كانت مفتاح النصر والعبور إلي حالة جديدة ينعتونها المستقبل، وانه الآن بنفس النوازع والعقيدة تحرك رجالها من وراء رجل أبي إلا أن يكون من صناع الأمل ومن بوارق السعد في أيام الوطن القادمة، بعد ساعات يعلن انطلاق الحقيقة والواقع الجديد، حيث كان حلما أو خاطرا نورانيا منذ عام، فأصبح حصيلة شعب آمن بفكر قائد طارد الكابوس وباغت اللصوص في الوقت الحرج الآبق، فلم يكن هناك غير ثوان معدودة ويتم اختطاف الوطن وتفكيكه إلي جزئيات همل، لذلك كان الظفير ظفرين، بانقاذ الوطن وبإنفاذ غاياته الكبري، فبعد غد نبحث معا عن مجد يتجدد، ويسعي بين الأمم كأنه من أنوار السماء التي كانت ملبدة منذ قليل فتفتحت وتزينت لما هو قادم، لا يملك الشعب اليوم غير الفرحة يبعثها في كل ارجاء الأرض، والأمل يبثه للمنطقة من حوله، وغاية الأمان الذي نتعلم حروفه بالصبر والعمل والجهد، هذا عيد المصريين الحقيقي، جيشا وشعبا، وارضا وسماء، ورجلا ينضم إلي قافلة العظماء في تاريخ مصر العظيم.

< سلطان العويس ورئيس الحكومة

سلطان الشاعر والعاشق الذي غاب وآثر ألا يكون حاضرا في وطنه العربي الكبير، كان صاحب مال فجاء ليعطي درسا لمن سرقوا أوطانهم وغدروا وضنوا عليها، سأني يوما ماذا تري ينقص مصر من مشروعات يمكن أن تخدم مستقبلها؟ قلت دعني بعض أيام لاستقصي وأجيبك، كنت أعرف نيته وإلي ماذا ترمي، فهو يريد أن يتبرع لنا ولكن ليس بمال سائل، لم يدعني أفكر أو أقوم من مجلسه حتي سبق قائلا: لقد فكرت في أمر هنا في بلادنا، رأيت أن الذين يقومون بإصلاح المصاعد أو تركيبها وأصحاب الحرف النادرة أو السائدة من بلاد آسيوية كالهند وباكستان وما وجدت عربا يتقنون نفس الحرف، ولم أدعه يكمل وما انتهي اللقاء إلا والفكرة تعمل وبدأ سلطان يخطط لبناء مدرسة فنية متخصصة في هذه الحرف التي تواجه ندرة للمهرة فيها، وفي شهور قليلة انطلق الرجل العظيم بفكرته إلي القاهرة وتم بناء المدرسة الفنية المتقدمة ذات الخمس سنوات بمدينة العاشر من رمضان، واخذ يرعاها كأنها ولده الذي تركه في مصر عنوانا لعشقه وبصيرته، وكان سلطان من مواليد الشارقة، لكنه رافق في حياته الشيخ زايد - رحمه الله- وكان في آن واحد مطلقا للفكرة ومنفذا لها، والذي زار الإمارات يري السدود العجيبة التي بناها سلطان العويس في كل الإمارات لتخزين مياه الشرب من الأمطار، وفي صباح يوم فاتحت د.حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم وقتها ألا يستحق هذا الرجل التكريم منا، كان شيئ ما يعاند في رئاسة الجمهورية عندما اقترحنا أن يتم تكريم الرجل من قبل الرئيس، فجاء الرد كرمه أنت، وأخذت أفكر مع الوزير كيف نكرمه، فجمعت كل مثقفي مصر ومنهم من حصل علي جائزة سلطان العويس في الآداب، وكذلك جمعت آلاف الطلبة وعشرات المعلمين الذين استفادوا من هذه الفكرة والمنحة وكان تكريما جميلا، لكن الفكرة لا تزال ماثلة أسوقها للمهندس ابراهيم محلب لعلها ما كان يقصدها في حديثه التليفزيوني بالأمس القريب.