عاتبني اصدقاء لأنني لا اكتب عن الاحداث الهامة التي تمر بحياة المصريين ومنها افتتاح قناة السويس الجديدة وما ننتظره من رخاء وتنمية بسببها وقلت انظروا حولي ستجدون زملائي من كتّاب «الاخبار» الاعزاء لم يتركوا شاردة ولا واردة حول هذا الحدث الكبير الا وتناولوها بكل تفصيل، ولكنني رأيت بعدهم ان اضيف معني ربما لم يأخذ حقه من التفصيل وهو ان صلاح حياة الناس ورخاء احوالهم وتحقيق عزتهم وأمنهم لا يكون الا بصلاح اعمالهم مع الله. فالله هو الذي يسدد رمينا ويوفق اعمالنا ولا نجاح لنا بدون الاعتماد عليه والطلب منه فكل الخير منه وبتوفيقه وكل فساد من اعمالنا وعقوقنا لربنا والذي يفرح الان بان مصر انجزت عملا عظيما في زمن قياسي عليه ان يعود بالفضل الي الله الذي وفق وسدد الرمي وأعان عليه.. ولا ينسب الفضل قبل الله لشيء آخر والا انقلب العمل علي العمال وبدلا من ان يكون سببا للنفع يصبح سببا في الضرر. وفي القرآن العظيم يقول سبحانه وتعالي مخاطبا المؤمنين «يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما» والقول السديد يعني نسب الفضل لله اولا والابتعاد عن الاستغراق في النفاق.. فقد استغرقتنا هذه الافكار عندما كنا نتحدث طويلا عن صاحب قرار العبور ثم صاحب الضربة الجوية دون الحديث عن الهام الله له ونسب الفضل اليه فأصبحت صورا ممجوجة من النفاق جاء الوقت لنتداركها ونتوقف عنها فصاحب قرار قناة السويس الجديدة ليس في حاجة لذلك فهو يسجد لله ويستمد منه الالهام والعون ويطلب منه المدد والرعاية ولولا ذلك ما تحقق لمصر هذا الانجاز فاذا اصبح في القلب عمار بالله فالله يجعل ما حولك عمارا مهما كان خرابا وانظر الي سيدنا اسماعيل وامه هاجر كان في قلبيهما عمارا وكل ما حولهما خراب ولكن الله بدله وجعل مكة مكانا لحرمه الشريف يؤمه الناس من كل مكان وتهفو ارواحهم اليه ولا ترتاح الا بزيارته والقرب منه والذي يظن ان صلاح حياة الناس هو فقط في البناء والتشييد دون اعادة الفضل في النجاح لله مثل الذي يسعي لكي يستقيم الظل بينما العود اعوج. فاذا اردت استقامة ظل الشيء فعليك باقامة الشيء نفسه في قلبك اولا فالانبياء لم يرسلهم الله لاصلاح الكباري والمجاري والبنايات وانما جاءوا ليوجهوا الناس الي الله واقامة الدين والانشغال باعمال الاخرة لذلك قال ان الجميع.. كل الناس في خسارة وهلاك وضياع الا من اتي الله «بقلب سليم» ولم يقل «بجسم سليم».




نعم لقد حبا الله مصر بآيات وآيات من الموارد والثروات كانت كفيلة بان تجعلنا اكبر قوة في العالم لو اننا اتقينا الله فيها وعملنا بما يرضيه.. وفي سورة يوسف قال «اجعلني علي خزائن الارض».. نعم كانت مصر كلها خزائن للخير ولكن عندما عزف الناس ان يكونوا صفوفا في المساجد شكرا لله علي هذه الهبات والنعم.. أوقفهم الله صفوفا وطوابير للحصول علي حاجاتهم الاساسية بينما كان وما يزال الامر في ايديهم بتقوي الله ليعطيهم كل الفضل «ولو ان اهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض».. يعني رأس الامر الايمان بالله والاعتماد عليه والطلب منه ونسب الفضل اليه قبل اي شيء «وما رميت اذ رميت ولكن الله رمي».