المسألة ليست أن »د. جابر عصفور»‬ وزير الثقافة رفع دعوي قضائية ضد الناقد السينمائي »‬طارق الشناوي» يتهمه فيها بالسب والقذف، ثم قام بسحبها (حين تبين إمكانية خسرانها، وبعد تضامن اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين، وجبهة الإبداع المصرية مع الناقد) والمسألة أيضا ليست في تحويل وزير الثقافة، الملف كله من النيابة الي نقابة الصحفيين، للبحث والفصل وفقا لميثاق الشرف الصحفي !.. ولا المسألة في تشدد الشناوي، ومطالبته للوزير بالإعتذارالرسمي، ليس من مبني الوزارة في شارع »‬شجرة الدر»، ولكن من نقابة الصحفيين في شارع »‬عبد الخالق ثروت» ! المسألة تتجاوز الموضوع (البسيط جدا، والخفيف جدا) الي الأسلوب المتكرر لوزير الثقافة في إستعداء السلطات، والشكاوي، وجرجرة الكتاب والنقاد الي المحاكم، والإصرار علي تحويل المختلف إلي خصم، وتحويل الأختلاف في الرأي، الي نزاع قانوني، ودعاوي قضائية. وبالتأكيد احترام القانون واجب، والفصل في الخلاف والنزاع ضرورة، والتقاضي حق مكفول للجميع.. لكن قضايا الرأي ،وحرية التعبير، ليس مكانها ساحات المحاكم، ولا يفصل فيها بالشكاوي، ولكن بالمناقشة والحوار، فلو أن كل من يتم نقد مسرحيته، أو فيلمه السينمائي، يلجأ إلي القضاء، لتلاشت وظيفة النقد من زمن طويل، ولو أن انتقاد كاتب، أو صحفي لقرارات وزير، أو عمل مسئول، كما فعل »‬طارق الشناوي» في مقاله (وزير الانتقام) والذي أنتقد فيه أسلوب جابر عصفور(وزير الثقافة) في الإطاحة بقيادات الوزارة، وفي اختيار معاونيه، بمنطق الثقة لا الكفاءة، لفقدنا عمل الصحفي، ودوره المسئول في الرصد والمتابعة والمراجعة والمناقشة والتقييم، ولكان عمل الوزير فوق النقد، وفوق المساءلة، ولكان الوزير نفسه معصوما من الخطأ، ومن المناقشة. منهج الشكوي لايليق بحوار المثقفين، ولا يليق بناقد بقيمة د. »‬جابر عصفور» يدرك معني النقد، ومعني الاختلاف، يعلي من قيم الحوار، ويحترم الرأي الآخر.