مسك الختام بالنسبة لي في مكتبة القاهرة في يوم الأحد الماضي قدمت كتابا للزميلة أميرة فكري عن أحد المقاتلين الأبطال في المجموعة ٣٩ قتال. التي قادها الشهيد إبراهيم الرفاعي. في صباح الاثنين قدمت طلبا إلي الدكتور جابر عصفور لاعفائي من رئاسة مجلس إدارة المكتبة التي ساهمت في تأسيسها مع صاحب فكرتها الأستاذ كامل زهيري في وزارة الفنان فاروق حسني. شرفني الدكتور عماد أبو غازي برئاستها وكان شرطي الوحيد ألا أتقاضي أي مقابل لعملي. تجربتي في إدارة المكتبة تحتاج إلي حديث أكثر تفصيلا، إلا أن اختتام عملي بها بندوة عن محارب كبير كان من الصدف الجميلة، أن أودع المكتبة في حضور عدد من قادة الصاعقة بينهم أصدقاء أعزاء مما أسعدني، أما السبب الرئيسي للتقاعد فهو ادخار ما تبقي لي من وقت للكتابة الأدبية ويكفي ما ضيعته من العمر. الكتاب يتضمن مذكرات اللواء محيي نوح أحد ضباط الصاعقة. هذا السلاح الاستثنائي الذي أسسه الفريق جلال هريدي مع مجموعة من الضباط الذين جمعتهم الرغبة في الاقدام علي أعمال فدائية استثنائية وهذه لها تاريخ في مصر ورموز منهم البطل أحمد عبدالعزيز الذي استشهد في حرب فلسطين ١٩٤٨. ولكن تحويل هذه الروح إلي عمل فدائي منظم من خلال مؤسسة عسكرية كان يقتضي جهدا وعملا منظما بدأه واستمر به بدعم قوي من المشير عبدالحكيم عامر وتلك إحدي حسناته التي يجب أن تذكر. من الصاعقة تكونت المجموعة ٣٩ قتال. وبدأت الفكرة بعد هزيمة يونيو. عندما تقرر القيام بعمليات ذات طبيعة خاصة استثنائية لرفع معنويات الجيش ولتكبيد العدو أفدح الخسائر، انضم اللواء محيي نوح إلي المجموعة وهو برتبة نقيب، أصيب أربع مرات، ورغم أنني عايشت المجموعة وتعلقت بإبراهيم الرفاعي، خاصة بعد استشهاده. كتبت العديد من التحقيقات والموضوعات الصحفية للأخبار حول المجموعة ورجالها. أقول باختصار إن مثل هذه المجموعة لو وجدت في أي دولة بالعالم لأنتج عن أعمالها العديد من الأفلام الروائية والتسجيلية ولكن تاريخ جيشنا ظلم بالتعتيم عليه طوال أربعة عقود فكانت النتيجة موقف بعض الشباب الذي لم يصله شيء مما جري، نسينا أن الزمن يتطور. ويمر. وأن للحفاظ علي الذاكرة الوطنية قواعد ومناهج لم يجر الالتزام بها. رغم أنني أعرف اللواء محيي إلا أن ما قاله في تلك الليلة الأخيرة لي بمكتبة القاهرة كان فيه ما فاجأني. ان عمل الزميلة أميرة فكري الدؤوب وكتابها عن ذكريات هذا البطل وكتبها الأخري جزء من الحفاظ علي ذاكرة الوطن. أشكر الوزير الأسبق المحترم عماد أبو غازي الذي وثق بي، وأشكر الزملاء في مكتبة القاهرة، وأشكر الوزير جابر عصفور لتفهمه دوافع قراري.