نحن أمام فرصة تاريخية لابد أن نستثمرها بروح 6 أغسطس التي أبهرت العالم.. فرصة تاريخية لنراجع أنفسنا ونتصارح بالداء حتي ينجح الدواء



فرحنا وفرح العالم معنا بافتتاح شريان الحياة الجديد في قناة السويس الوليدة.. فرحنا واهتزت قلوبنا طربًا بإنجاز هو إعجاز في حقيقته وبشهادة دول العالم أجمع.. لكن ملحمة الإنجازات لم تنته بهذه الفرحة وإنما بدأت.. ولكي نكون في غاية الصدق مع أنفسنا علينا أن نعترف بأن القادم هو الأجمل والأصعب.. الرئيس السيسي نفسه حدد ملمحًا من ملامح المستقبل العريض الذي ينتظر مصر والمصريين حينما أكد في خطاب الافتتاح أن هذه خطوة من ألف خطوة..القادم أجمل لأنه يحمل رفاهية غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث.. والقادم أصعب لأنه يحتاج إلي ثورة في جميع الاتجاهات.. ثورة في مرحلة البناء الجديدة ونحن نرتب البيت من الداخل ولايمكن أن يتحقق نجاح بغير نظام وبدون منظومة قيم وأخلاقيات وقاعدة عريضة للانتماء لتراب الوطن.. ثورة شاملة تصل إلي السلوكيات العامة من ناحية وإلي الجهاز الإداري من ناحية أخري دون أن نرفع شعارات أو نردد أغنيات أو نمنح إجازات.
نحن أمام فرصة تاريخية لابد أن نستثمرها بروح 6 أغسطس التي أبهرت العالم.. فرصة تاريخية لنراجع أنفسنا ونتصارح بالداء حتي ينجح الدواء.. ويتم شفاء المجتمع من سلبيات كانت سببًا في تأخره سنوات القهر السياسي والكسل الشعبي وعدم المبالاة بالقيم والأعراف ومنظومة الأخلاقيات التي كانت إحدي ميزات شعب مصر عبر تاريخه.. فرصة تاريخية لقائد وزعيم أهداه القدر للمصريين ليقود سفينة الوطن في بحر تتلاطم فيه الأمواج وتحدق به الأخطار.
السيسي والمصريون هم أبطال هذه الفرصة التاريخية لأحداث الثورة الشاملة لتذليل الصعاب في إعادة ترتيب البيت المصري من الداخل.. تعالوا نتصارح بالداء لنصل إلي الدواء، فمن ناحية ثورة في السلوكيات العامة لابد أن نتذكر أننا شعب عرفه العالم بالمروءة وإنكار الذات ومراعاة الجار وإغاثة الملهوف ونصرة الضعيف ، وعفة اللسان ، وغيرها من منظومة القيم والأعراف.. لكننا في السنوات الأخيرة تراجعت هذه القيم وانحصرت وانشغل كل إنسان بنفسه وتحول لمؤسسة مستقلة هدفها حب الذات ولو علي حساب الآخرين.. دخلت قموسنا عبارات وكلمات وأوصاف غريبة ،ورفع البعض شعار « الدنيا مصالح « بعد أن كنا نتعامل اجتماعيًا مع بعضنا البعض بحكمة من كلمتين «الناس لبعضها « والبعض الآخر تعامل بشعار « أنا ومن بعدي الطوفان « الأمثلة كثيرة ويطول شرحها بخلاف البذاءات التي دخلت قاموس التعاملات بين الناس من ألفاظ تصيب بالغثيان والقيء.. بل أصبحت هذه المفردات الغريبة والمندرجة تحت باب «قلة الحيا داخل أعمالنا الدرامية « والغريب أنهم يعتبرونها إبداعا.. والحقيقة انها ابداع في قلة الذوق والأدب وإلا فما معني أن يشتم ممثل آخر بعبارة « يا ابن الكلب « وهذه أخف شتائم الدراما بخلاف العبارات الجنسية المقززة.
أصبحت شوارعنا مستباحة بالقاذورات والقمامة وأصيبت آذاننا بالتلوث من قاذورات القاموس الجديد.. مثلما خدشت أعيننا قاذورات الشوارع.. نحن بحاجة إلي ثورة في السلوكيات تعيد المواطن المصري إلي أصله الطيب ، وقيمه النبيلة ولن يتحقق ذلك إلا بمؤتمر أبادر بالدعوة إليه لعلماء الاجتماع والنفس وينتهي بروشتة العلاج التي تشترك فيها جميع مؤسسات الدولة سواء في التعليم أو دور العبادة أو وسائل الإعلام.. حتي إذا اضطررنا إلي تغليظ العقوبات علي من يشذ عن السلوك المصري الذي كان عليه المصريون مئات السنين.. نحن بحاجة إلي ثورة ضد الفساد تطهر المجتمع كله من الفاسدين والمفسدين الذين ينهبون المال العام فيعطلون مصالح خلق الله ويأكلون حقوق الضعفاء ويلهفون الملايين بغير وجه حق.. وانبه هنا وأحذر لإنجاح الإنجازات الجديدة والمشروعات العملاقة قبل القضاء علي هذا الفساد المستشري في مصالح ومؤسسات وهيئات الدولة واعلموا أن ضرب الفساد سوف يشجع الشرفاء وهم بالملايين علي العمل بأقصي طاقة لأنهم سيعلمون أن جهدهم لن يأتي ثماره غيرهم..
دعونا نتصارح أن شق قناة سويس جديدة في عام واحد لم تكن تتحقق مالم يكن للقوات المسلحة دور فيها شجع شرفاء هذا الوطن علي التضحية والتحدي لأنهم يعلمون أنه لافساد ولاهزار داخل المؤسسة العسكرية وهذا سر نجاحها.. وأقصد أننا نريد مجتمعا يستوعب في إنجازاته الجديدة سرنجاح قواته المسلحة التي كسبت ثقة الشعب بحيث نصبح جميعا كتيبة عمل لا فساد فيها ولا مضيعة للوقت ولاشيء غير تحقيق الهدف الأسمي للوطن.. القادم صعب.. لكنه ليس مستحيلا.. القادم صعب.. لكننا حين تتغير سلوكياتنا ونقضي علي الفساد سنحقق المعجزة الكبري ونصل لنهاية الألف خطوة التي وعد بها الرئيس السيسي شعبه..وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.