تحول المصريون علي مدي الاسبوعين الماضيين إلي كائنات مسلوقة او محمرة او مشوية وربما محروقة بفعل الولعة التي أصابت الجو والزفرات التي خرجت من نار جهنم لتلفح وجوهنا وتسلخ جلودنا، وتندر البعض انه اذا كان سكان القطب المتجمد الشمالي يلقون الزيت المغلي في الهواء فيتحول فورا إلي زبدة، فان المصريين القوا الفراخ الخارجة لتوها من الديب فريزر في الهواء لتسقط في افواه الجوعي مشوية. حتي المثل العامي الشهير» كلام الليل مدهون بزبدة، يطلع عليه النهار يسيح» اصبح خياليا في ظل موجة الحر الحالية، فاصبح كلام الليل في ثانية يسيح دون انتظار ان يطلع عليه أي نهار.وكان من الطبيعي اعادة التقدير والاعتبار لصاحب الجلالة «سيدنا وتاج راسنا» المكيف، فانشد البعض «قف للمكيف وفه التبجيلا.. لولا المكيف لكنت قتيلًا» مع الاعتذار لكل من امير الشعراء وكل مدرسي مصر المحروسة. ومع كل ارتفاع في درجات الحرارة، كانت سخرية المصريين تشتعل وتتوهج ( رغم ان الجو مش ناقص لا اشتعال ولا توهج) فطالب البعض بضرورة اختيار مقياس آخر للحرارة غير الدرجات المئوية او الفهرنهايت، كاستخدام شعلات البوتاجاز مثلا مقياسا، فيقال ان الجو اليوم 6 شعلات وشوايه وفرن وان الحر عندنا اصبح «بيلت إن». بالطبع لم تسلم هيئة الارصاد الجوية من همزات ولمزات المصريين فاعتبروا ما يجري من حرارة شديدة انما هو احتفال من جانب الهيئة بعيد ميلاد ابو لهب، وان الجو في مصر تأثر باسم المتحدث باسم الهيئة «سعودي» وتوعدوا الرطوبة» لو كانت امرأة لقتلناها»

- أصبحت رهين «المكيفين» مكيف المنزل ومكيف العمل، طوبي لمن لا يملك مكيفا لا في البيت او العمل. ورحم الله الصامدين امام افران الحديد والخبز، ورجال المرور في الشوارع وكل من يقتضي عمله ان يقف في العراء دون سقف يحميه من هذا الهجير. وخفف الله عمن يسكنون الخيام والعشش الصفيح ويفترشون الشوارع، وكل آمالهم اربع»حيطان» تؤويهم، فالماء المثلج والهواء المكيف ترف لا يقدرون حتي علي الاقتراب منه.
- من أطرف ما قرأت في مجلة ناشيونال جيوجرافيك ان الصراصير كانت زمان هي الطريقة العلمية الوحيدة التي كانوا يعرفون بها درجة الحرارة. ففي عام 1897 افترض عالم الفيزياء أموس دولبر وجود علاقة بين درجة الحرارة وعدد المرات التي يصدر فيها صرصار الحقل اصواتا. إذ من المعروف أن وتيرة هذا الصوت ترتفع كلما اشتدت حرارة الطقس لأن الصرصار من ذوات الدم البارد. ويتم ذلك بحساب عدد المرات التي يصدر الصرصار اصواتا خلال 15 ثانية، ثم يقوم دولبر باضافة العدد 40 إلي مجموع الاصوات التي اطلقها الصرصار ليتوصل إلي درجة الحرارة الفهرنهايت علي وجة التقريب. فاذا رأيت الصرصار»بيصوصو» اعرف ان الجو نار.