بكل الصراحة والوضوح يجب أن نعلن الرفض الكامل والاستهجان الشديد، لذلك الذي حدث أول أمس من أجهزة الاعلام، وخاصة المرئية، في أعقاب جلسة محكمة  جنايات القاهرة المختصة بالنظر في قضية محاكمة الرئيس الاسبق مبارك ونجليه ووزير الداخلية الاسبق العادلي ورجل الاعمال حسين سالم. فما أن انتهت الجلسة التي أعلن فيها القاضي قرار المحكمة، بمد أجل النطق بالحكم إلي جلسة التاسع والعشرين من نوفمبر القادم، حتي رأينا سيلا جارفا من التعليقات والتعقيبات والاراء المتعارضة والمتضاربة، علي كل القنوات الفضائية دون استثناء، وتحول الامر وكأننا في »مهرجان التعليق للجميع حول قرار المحكمة»‬،...، وهذا شيء بالغ الغرابة وبالغ السوء في ذات الوقت. نظرا لكونه خروج عن القانون لقد شاهدنا للاسف، سباقا بين المذيعين ومقدمي البرامج في كل الفضائيات لاستضافة أكبر عدد ممكن من المتحدثين والمعقبين، سواء كانوا خبراء في القانون او غير خبراء، او كانت لهم صلة بالقضاء او ممن لا صلة لهم به،...، بل أيضا من عامة الناس من غير العارفين بالامور القانونية او حتي المهتمين بها أصلا،...، واذا بالسؤال المطروح علي الجميع هو ما رأيك في الجلسة وما دار بها، وما رؤيتك لقرار المحكمة؟! ومن الطبيعي في هذه الحالة أن نشاهد ونسمع العجب العجاب،...، فهذا يعلن رفضه لقرار المحكمة، وذاك يؤكد تأييده للقرار،..، وهناك من يري ان القاضي أصاب بالتأجيل، في حين ان هناك من يري عكس ذلك،...، اما الاشد حماقة والاكثر سوءا من كل هذا الخطل هو ما قام به البعض من مقدمي البرامج والمذيعين من سؤال للجماهير حول توقعاتهم عن الحكم القادم وما اذا كان المتهمون يستحقون البراءة أم الادانة؟! أبسط ما يمكن أن يقال هو أن هذا خطأ جسيم لا يجب السكوت عليه او القبول به، وتلك خطيئة ما كان يجب أن تحدث في دولة تسعي للعدالة وتحترمها، وتقوم علي سيادة القانون، ولا تتدخل في شأن القضاء من قريب أو بعيد.