تقلقني النبرة التي تتردد مؤخرا حول اعتبار مصر قوة أساسية بحكم دورها التاريخي في جانب السنة ضد الشيعة. يقلقني القول أن الازهر سد منيع في مواجهة الشيعة. قبل أن أدخل في التفاصيل، أورد العنوان الرئيسي للموقف الصحيح. مصر للمسلمين جميعا. لا تنحاز إلي مذهب ضد مذهب آخر، لكنها عنصر تقريب بين المختلفين والمتصارعين من أتباع الدين الواحد. الازهر للمسلمين جميعا. ورسالته الصحيحة هي التقريب بين المذاهب، وتلك دعوة تبناها شيوخ الأزهر العظام. وكان للشيخ القمي أحد كبار المرجعيات الشيعية مكتب دائم في الأزهر. وهو الأزهر نفسه كأهم مؤسسة دينية إسلامية في العالم يجسد وحدة المسلمين، لقد أنشأه الفاطميون بعد غزوهم مصر وتمكنهم من حكمها ليكون منبرا للدعوة الفاطمية، واستمر لمدة مائتي عام يقوم بهذه المهمة وعندما انتهي الحكم الفاطمي اعتلي الخطيب منبرالأزهر ودعا للخليفة العباسي السني في بغداد ولم يكن حجم ردة الفعل مناسبا مع زوال دولة مذهبية، ذلك أن المصريين بتكوينهم ومضمونهم الروحي أميل إلي الوسطية المعتدلة، يقفون ضد التمذهب والحرية في العقيدة التي تنكر الآخر حتي لو كان من أهل الدين نفسه مضمون مصر الروحي المعتدل هو ما يحتاج إليه جميع العالم الاسلامي الآن إن المتأمل لمسار الأحوال في السنوات الأخيرة يلاحظ الاتجاه الماضي  إلي صدام مذهبي،إنها الفتنة الكبري بحق كما أطلق عليها العميد. الدكتور طه حسين بحق، هذا كتاب يجب أن يقرأ جيدا الآن، أتمني لو طبع بمكتبة الأسرة علي نطاق واسع، إن موقف مصر الآن يجب ألا يكون منحازا إلي طرف ضد طرف. علي المستوي السياسي والاعلامي، أن ينطلق من الخصوصية المصرية لفهم الدين، المصريون يتعلقون بآل البيت، ما من شخصية منهم إلا وله مرقد في مصر، ومن لم يدخلها أقام له المصريون مرقدا طبقا لمبدأ »الرؤية«، أي تلبية لطلب أحد الصالحين الذي رأي حلما يؤمر فيه بتشييد مرقد لهذا أو ذاك من العترة الطاهرة، هكذا شيدت مراقد السيدة سكينة، السيدة رقية، والسيدة عاتكة وغيرهم من آل البيت، الفتنة الكبري التي بدأت في العراق ثم سوريا والآن اليمن ما لم تحاصر، سوف تمتد نيرانها أفقيا في المكان وستشمل العالم الاسلامي كله، ورأسيا في الزمان وسوف تستمر مئات الاعوام بدون مبالغة ولن تترك الاخضر واليابس. علي مصر أن تكون حكما، عنصرا  لإيقاف الفتنة، أما انحيازها في هذه الفتنة فسوف يسد أبواب الأمل وهكذا يقضي المسلمون علي المسلمين.