بعد تأجيل الحكم في قضية محاكمة القرن فإنه لا أحد ينكر خطورة الاتهامات التي تم توجيهها إلي الرئيس الأسبق حسني مبارك ونظامه الحاكم إبان أحداث ثورة 25 يناير.. كما انه لا يمكن لأحد أن يجادل في حقيقة تعرض الدولة المصرية لموجة من الفساد في السنوات الثمانية الأخيرة من حكمه نتيجة التهاون في ممارسة المسئوليات إلي درجة التخلي عنها لجوقة الترويج لتوريث الحكم للابن جمال. ولكن وعلي ضوء الحكم المنتظر صدوره عن هيئة المحكمة المسئولة عن محاكمة القرن فإن الأمانة والعدالة وما أحاط بسيل الاتهامات ينطبق عليها الوصف بأنها تجاوزت كل الحدود. رغم هذا فقد كان يتحتم أن يوضع في الاعتبار ما قدمه مبارك لوطنه طوال خدمته العسكرية وعلي مدي عشرين سنة رئاسة لتكون شفيعا له فيما قد يكون قد ارتكبه أو ارتكبته بطانته من أخطاء لا أري بل أشك ـ والأمر متروك لتقرير المحكمة الموقرة ـ  أن يكون من بين هذه الأخطاء القتل الذي ضحاياه شهداء ثورة 25 يناير. إن ما يثير الشكوك تلك البراهين والقرائن التي لمسناها وعشناها جميعا علي مدي السنوات الثلاث التي أعقبت ثورة الشباب يوم 25 يناير التي أبهرت العالم ثم تعرضت بعد ذلك لأكبر عملية سطو من جانب جماعة الإرهاب الإخواني. لا جدال أن ما حدث يثير علامات استفهام كثيرة حول حقيقة الاتهامات التي كانت سببا في تقديم مبارك للمحاكمة. ان أي متابعة أمينة للأحداث وربطها بالمحاكمات التي تجري لقيادات جماعة الإخوان الإرهابية وأعضائها حاليا بعد إسقاط الشعب لحكمهم بثورة الملايين يوم 30 يونيو تؤكد أن ما صاحب هذه الفترة من جرائم مستمرة حتي اليوم يكشف بعض الجوانب الخفية التي تعد قرينة في الحكم الذي سوف يصدر في قضية مبارك. هنا لابد من القول إن مبارك قد تنازل عن الحكم طواعية متجاوبا مع الثورة وتجسيدا لإيمانه بأن ذلك سوف يساهم في حقن دماء المصريين. كان في وسعه أن يستخدم سلطاته ويتخذ ما يجعل الدماء تسيل مدراراً في الشوارع مثلما يحدث في سوريا وفي ليبيا حاليا. وللحديث بقية