أن يحتال عليك متسول ويستولي علي نقودك فهذا جائز.. أن ينصب عليك محتال ويستولي علي مدخراتك بدعوي توظيفها فهذا ممكن.. أما أن تنصب عليك مصلحة حكومية وتبيع لك الوهم فهذا شيء غريب أعلنت هيئة السكة الحديد منذ فترة عن رفع تذاكر المترو والقطارات ثم خرجت علينا تصريحات وزير النقل تنفي وتؤكد أنه لا نية إطلاقا لرفع أسعار التذاكر.. وأن كل ما قيل في هذا الصدد مجرد شائعات ولم تنس التصريحات أن تحشر اسم رئيس الجمهورية في الموضوع بدون مناسبة، فقالت إن الرئيس حريص علي مصلحة الشعب خاصة محدودي الدخل.. وتمضي أيام قليلة ويعود الحديث عن رفع التذاكر فيخرج علينا تصريح لوزير النقل بأنه لا زيادة في تذاكر المترو أما تذاكر القطارات فلن تتم زيادتها إلا بعد تطوير الخدمات وتشغيل قطارات جديدة بها انترنت وتكييف ثلاجة ومقاعد وثيرة تتناسب مع زيادة الأسعار.. وتمر الأيام سريعة ويأتي شهر يوليو وترتفع أسعار تذاكر القطارات بطريقة جنونية ويتلفت الركاب يمينا وشمالا بحثا عن التطوير فلا يجدون إلا وهما بل تصيبهم صدمة عنيفة فالتكييف الذي كان يصارع الموت يسلم الروح ويصاب الركاب بالاختناق ولا يستطيعون فعل أي شيء.. وآخر المآسي حكاية هذا الرجل المسكين وقد عايشت أحداثها كاملة في قطار المحلة رقم 1915 الذي ينطلق من محطة مصر في الخامسة مساء.. الرجل وقف يستصرخ رجلا آخر علمنا بعد ذلك أنه مسئول في القطار.. وتبين أن المستصرخ معه ابنته الطفلة ويبدو أنها كانت مريضة وكانت عائدة لتوها من عند الطبيب وخاف عليها من حرارة الجو القاتلة فلم يركب بها أتوبيسا أو ميكروباصا وفضل القطار المكيف وقد فعل.. حجز الرجل مقاعده في العربة رقم 2.. وما أن تحرك القطار وغادر محطة مصر حتي توقف التكييف وبدأ الركاب يختنقون ويفرون من مقاعدهم فرارهم من الأسد الجائع.. وتبين أن والد الطفلة سأل عن مسئول التكييف وعثر علي مهندس بالسكة الحديد فشكا له فوعده بحل المشكلة ثم اختفي، ظل الرجل يبحث عنه فوجده جالسا علي مقعد بالعربة رقم1 في التكييف.. فقد الرجل أعصابه واشتبك مع المسئول الذي جلس كتمثال من الشمع.. هدد الرجل بحرق العربة وتحطيم نوافذها وحاول تهييج الركاب لينضموا إليه لكنه انتهي إلي زيادة عدد التماثيل فوقف يبكي ويقول: يا ناس حرام عليكم بنتي بتموت.