أعتقد ان الدولة الإثيوبية قد استوعبت السياسة أمريكية التي تضع مصالحها في المقدمة مهما تعارض ذلك مع مصالح الدول الاخري



في احتفال مهيب وبمشاركة عدد كبير من قادة وزعماء العالم من أصحاب الجلالة الملوك واصحاب السمو الأمراء وأصحاب الفخامة الرؤساء وكبار ممثلي الدول الشقيقة والصديقة أعطي الرئيس عبدالفتاح السيسي الخميس الماضي إشارة بدء تشغيل قناة السويس الجديدة والتي تعتبر شاهداً علي عظمة الشعب المصري وقدرته الفائقة علي تحدي الصعاب.
وعلي الرغم من هذا الانجاز الأسطوري الضخم والذي تم في فترة زمنية وجيزة وغير مسبوقة «عام واحد فقط» فإنه ليس بجديد علي الشعب المصري فهذا الشعب هو الذي شيد الاهرامات رأس عجائب الدنيا السبع وهو الذي طرد الهكسوس ودحر المغول والتتار وهو الذي شيد السد العالي الذي يعتبر أعظم وأضخم عمل هندسي خلال القرن العشرين ايضا هذا الشعب هو الذي عبر جيشه أكبر مانع مائي في التاريخ ودمر خط بارليف الحصين وحطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر وحقق نصرا مؤزرا علي إسرائيل في أكتوبر 1973.
لقد أثبت الشعب المصري علي مر تاريخه الممتد لأكثر من 7 آلاف عام إنه قادر علي التحدي وإنه صانع للمعجزات وإنه اذا فكر العالم في انشاء وسام وحيد للتحدي لمنحه لشعب من الشعوب فإنه سيصبح حصريا من حق الشعب المصري.
وقد أبي التحالف الصهيو أمريكي أن يدع الفرصة للشعب المصري لكي يفرح ويحتفل بهذه المناسبة العظيمة دون إثارة بعض الغبار.
فقد تزامن مع الإعلان عن افتتاح قناة السويس الجديدة إعلان التحالف الصهيو أمريكي عن توسيع وتعميق قناة بنما ايضا ربط ميناء إيلات الاسرائيلي علي البحر الاحمر بميناء اشدود الاسرائيلي علي البحر المتوسط مرورا بالبحر الميت ليكون منافسا لقناة السويس الجديدة رغم استحالة ذلك.
ايضا في إطار اثارة الغبار قام الرئيس الامريكي أوباما بزيارة هي الأولي له من نوعها لاثيوبيا وذلك علي الرغم من قرب انتهاء فترته الرئاسية الثانية.
وإني علي يقين أن الدولة الإثيوبية قيادة وشعبا تدرك معني ومغزي هذه الزيارة وفي هذا التوقيت بالذات وأن إثيوبيا لن تكون ـ بأي حال من الاحوال ـ مخلب قط في يد التحالف الصهيو أمريكي لتنفيذ أجندته في مصر والتي فشل في تنفيذها من خلال تطبيق مفهوم الفوضي الخلاقة والشرق أوسط الجديد.
وأعتقد ان الدولة الإثيوبية قد استوعبت السياسة الصهيو أمريكية التي تضع مصالحها في المقدمة مهما تعارض ذلك مع مصالح الدول الاخري وآخر مثال علي ذلك قيام التحالف الصهيو أمريكي بالتضحية بالعلاقات الاستراتيجية مع دول الخليج العربي في مقابل إرساء علاقات استراتيجية جديدة مع إيران تخدم المصالح والأهداف الصهيو أمريكية وتتعارض إن لم تتناقض تماما مع مصالح الدول الخليجية بل ان الاستراتيجية الصهيو أمريكية الجديدة في منطقة الخليج تقدم الدول الخليجية لقمة سائغة علي طبق من ذهب للأطماع الفارسية في المنطقة العربية بصفة عامة ومنطقة الخليج بصفة خاصة.
ان تنمية وتعمير محور قناة السويس هو حائط الصد المنيع لحماية بوابة مصر الشرقية فضلا عن تخفيف الكثافة السكانية في الدلتا والتي أصبحت عبئا كبيرا حيث إن برامج التنمية التي تجري في الدلتا لا تتناسب مع الزيادة السكانية في هذه المناطق وأصبحت هذه البرامج قاصرة بل عاجزة عن استيعاب هذه الكثافة السكانية.
وختاما أود التأكيد علي أهمية الا يقتصر هذا المشروع العملاق علي مجرد كونه ممرا مائيا كما كان المشروع القديم ولكن ينبغي له الانطلاق لتشكيل مجتمعات صناعية زراعية سياحية خدمية متكاملة في محافظات القناة الثلاث فضلا عن محافظات شمال ووسط وجنوب سيناء وذلك بالاستفادة بالإرادة السياسية الواعية مع الدعم الشعبي الواسع.