يستقطب المستنقع السوري كل يوم لاعبين جددا بزعم محاربة داعش، هذا هو المعلن المعلن لكن الخفي شيء آخر، وإذ ما امتد الغرق في المستنقع السوري فالنتيجة الحتمية سوف تؤدي لحرب متسعة قد لا يحمد عقباها بين الاقطاب المتنافرة في توجهاتها وسياساتها وأجنداتها التي تتعلق بمصالحها الخاصة في المنطقة بالكامل.
ها هي بريطانيا تدخل المستنقع بزعم توجيه ضربات استباقية تقضي علي داعش قبل أن يقوم داعش بعمليات ارهابية علي الاراضي البريطانية، وقد سبقتها ألمانيا بالدعم المحدود في تلك الحرب المفتوحة التي يريد بعض أطرافها ازاحة نظام الاسد، ويريد البعض الآخر الإبقاء عليه كلاعب اساسي وشرعي في التسوية السياسية التي لن تحدث ابدا في ظل تنافر الرؤي والمصالح لدي كل الاطراف التي دخلت الملعب السوري بالفعل ومنها فرنسا التي تنتقم لما حدث علي اراضيها من عمليات دموية، والأطراف الأخري التي تقدم الدعم المادي واللوجيستي من خارج الملعب السوري الدموي.
ها هي روسيا تقدم بالأدلة والمستندات الدامغة التي صورتها اقمارها الاصطناعية السبب الحقيقي الذي من اجله اندفع السلطان الواهم اردوغان وأسقط طائرتها الحربية لأنها كانت تقصف سيل الفناطيس المحملة بنفط سوريا المسروق من داعش الذي يتم تهريبه لتركيا، بل ذهبت روسيا لما هو ابعد من ذلك لتأليب الرأي العام الداخلي التركي والقوي السياسية المعارضة لأردوغان بفضح عمليات التهريب النفطي لصالح ابن اردوغان الذي سربت الصحف الروسية صوره مع قيادات داعشية سورية وعراقية، ونجحت روسيا ايضا ضمن ما تفرضه من عقوبات متعددة علي تركيا عقابا لها علي اسقاط طائرتها الحربية في احداث شرخ بين المؤسسة العسكرية التركية وأردوغان نفسه !
ليست روسيا وحدها من تتهم اردوغان ونظامه بدعم داعش والتنظيمات الإرهابية الاخري علي الأراض السورية فقط، الرئيس الأسد يوجه نفس الاتهام لتركيا ودولتين بالخليج يريدان اسقاطه ولولا المساندة الايرانية والدعم اللوجيستي والعسكري من حزب الله لكان الاسد قد سقط من اربع سنوات، لكن يبقي السؤال الاساسي والمهم : لماذا ورط اردوغان تركيا في المستنقع السوري بوضع الدولة التركية في معركة غير متكافئة مع روسيا العظمي ؟
هناك ثلاثة اعداء للرئيس التركي رجب طيب اردوغان، العدو الاول هو الرئيس الاسد الذي أثبت الشجاعة والجدارة في مقاتلة حلف التعصب والتمذهب الذي يقوده أردوغان،والعدو الثاني هو الشعب الكردي بجميع مكوناته، لأن الأكراد أثبتوا أنهم الأقوي علي الأرض في مواجهة الإرهاب التكفيري الأردوغاني كداعش والنصرة وغيرهما من مرتزقة الأرض،والعدو الثالث هو القوي اليسارية والعلمانية التي تري في أردوغان شخصاً متعصباً رجعياً يريد أن يعيد عقارب الساعة إلي الوراء، من هنا دخل اردوغان المستنقع بزعم الحرب علي داعش بينما في الحقيقة هو يخوض الحرب ضد الاكراد وعدم اقامة اي كيان كردي سوري عراقي متحد علي الارض يتحول فيما بعد لدولة كردية، ولهذا كان يطالب بإقامة منطقة عازلة في الشمال السوري، والمتوقع من بعض المحللين نتيجة لتلك السياسات الاردوغانية، دخول تركيا فوضي عارمة من التظاهرات والتفجيرات المتلاحقة بعمليات كردية لن تنتهي إلا بتنحي أردوغان نفسه أو بالانقلاب عليه، روسيا تعرف جيدا كيف تأخذ حقها من النزق الأردوغاني، الشيء المؤكد أن تركيا ستدخل في فوضي غير خلّاقة وأن العد التنازلي لأردوغان وحزب العدالة والتنمية قد بدأ.