ليس لها من دون الله كاشفة، اعني هذه الحالة المتردية والمنخنقة للأمة العربية التي استعصت علي كل محاولات الخروج من المأزق الراهن، واستحالت كالطامة الكبري والآزفة التي ليس لها من دون الله كاشفة.
لولا اننا ننتسب إلي رسول عربي أمين، ونحظي بقرآن محكم مبين، ولدينا تارخ عربي وحضاري عريق، لصارت أمتنا العربية في خبر كان، وخاصة بعد ان كادت هويتها تذوب وتضيع بسبب مؤسسات تعليمية ودينية مترهلة انتهي عمرها الافتراضي وعقمت عن اي محاولة لإحياء هذه الهوية. وحتي اكون منصفا فإن كثيرين من أولياء أمور النشء والشباب ليسوا بعيدا عن المسئولية عن هذه الجريمة التي حلت بمعظم ديار الوطن العربي، حيث يتفاخرون ويتمنظرون بأن اولادهم يتقنون ويرطنون بالعديد من اللغات الاجنبية نطقا وكتابة، لكنهم في الوقت ذاته لايتحرجون ولا يتوارون خجلا من ان ابناءهم لا يعرفون أبسط مباديء وقواعد لغتهم العربية الأم التي تشكو إلي الله استهانة كل من هب ودب بها وبقواعدها.
الهوية والانتماء وجهان لعملة واحدة، فبنظرة عابرة علي وضع التربية الدينية واللغة العربية والتاريخ بمدارسنا ومؤسساتنا الثقافية والدينية نتأكد اننا قصرنا كثيرا في بث روح الوطنية والانتماء في نفوس ابنائنا ، وتركناهم لدكاكين وسنترات الدروس الخصوصية والمتطفلين علي الخطاب الديني والثقافي ليعبثوا بعقولهم ويشوشوا علي الذاكرة التاريخية والحضارية لوطنهم العربي الكبير.
العرب لهم تاريخ عريق يمتد إلي ما قبل بعثة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم ، فعندما وقعت سفانة ابنة حاتم الطائي في الاسر، وعلم بذلك النبي قال : « اكرموها وأعيدوها إلي أهلها ، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق « وتأثر اخوها عدي بن حاتم والطائيون ، وطابت نفوسهم وخشعت قلوبهم لأخلاق النبي وصحابته،وذهب هو والعديد من الطائيين للتشرف بلقاء الحبيب المصطفي وإعلان إسلامهم، واشتهر العربي قبل الاسلام بالمروءة والنجدة والحكمة ، لذلك كان هناك حلف يسمي حلف الفضول لمواجهة الازمات ووأد الفتن والاصلاح بين الناس، وأثني عليه الرسول صلي الله عليه وسلم قائلا : « انه حلف خير ، لو دعيت له لأجبت «. وقد ظلم المؤرخون العرب فترة ماقبل الإسلام في الجزيرة العربية حينما وصفوها بالعصر الجاهلي ، ومازلنا ندرسها لأبنائنا بهذا الوصف المدون بالمناهج والمقررات المدرسية، وكأننا ندعوهم لاحتقار التاريخ العربي قبل الاسلام !!.
اذا اردنا ان نتأكد من التزام المؤسسات التعليمية والدينية بواجبها علي اكمل وجه فلننظر إلي تمسك ابنائنا بهويتهم العربية والإسلامية ، واعتدادهم بها.