ما جدوي أن يناقش برنامج تليفزيوني مسائل شرعية ترتبط بحياة الناس فيقول عالم حلال، ويقول الآخر حرام، ويتخبط الناس بين هذا وذاك لتضطرب حياتنا

أشتم رائحة خبيثة كلما تصدي برنامج تليفزيوني لمناقشة أمر من الأمور الشرعية ولكنني كذبت نفسي هذه المرة عندما رأيت ضيفي البرنامج هما الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الأزهر ومعه الداعية الاسلامي الشيخ خالد الجندي لدرجة أنني تساءلت من الضيف الثالث في مواجهتهما؟ ثم اكتشفت بعد لحظات ان المقابلة هي بين الاثنين وأن الشيخ خالد هو الضيف المقابل الذي أخذ علي عاتقه حمل المعول الذي يهدم به مفاهيم راسخة في حياة المسلمين! فهو يرفض أن يتم الطلاق بكلمة «أنتِ طالق» الشرعية ويريد استبدالها بوثيقة مثل شرائع اخري. أو مثلما يحدث في دول اسلامية مثل تركيا. فلا يقع - من وجهة نظره - الطلاق حتي لو قال الزوج لزوجته أنتِ طالق مائة مرة.. وإنما يقع فقط إذا وضع هذا الزوج توقيعه علي وثيقة طلاق أمام القاضي أو الموظف المسئول عن ايقاع الطلاق. وعبثا حاول الدكتور أحمد كريمة أن يوضح له شرعية الطلاق بهذه الكلمة أخذا بسُنة النبي صلي الله عليه وسلم الصحيحة إلا أن الشيخ خالد أبي ورفض واتهم وسخر من الدكتور كريمة بل وتلاعب وحاول الايقاع به أمام المشاهدين علي الهواء وبلغ الأمر أن اتهمه بأنه إرهابي تارة وبأنه يحرض للخروج علي وليّ الأمر تارة أخري. وكدت أجن من الحوار البشع بين الاثنين - والذي نُقلت مقاطع منه علي شبكات التواصل الاجتماعي للسخرية من فكر الشيخ خالد - فالشيخ كريمة يقول الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع وهي فوق القانون والشيخ الجندي يقول بل الشريعة هي القانون. ثم أراد أن يوقع به وزاد أن الخروج علي القانون خروج علي الحاكم فسأله الشيخ كريمة «يعني لو صدر قانون ينظم الزنا مثلما هو الحال في تركيا هل نأخذ به؟» وبُهت الشيخ خالد والتف ودار وراوغ ثم قال: أصلا السؤال كدا غلط!! وزاد مقدم البرنامج الطين بلة بأن أجري اتصالا هاتفيا بالدكتور سعد الهلالي وراح مؤيدا للشيخ خالد.. وبلغ الأمر أن خلع الشيخ الجليل الميكرفون من علي صدره وترك البرنامج منسحبا.. والسؤال: ماذا يراد بالاسلام.. لقد رأيت بنفسي الزواج يتم بلا مستندات اصلا في واحة سيوة حيث ينعقد الزواج في مجلس الرجال بوجود وكيل الزوجة إلي حين قدوم المأذون من مرسي مطروح لتوثيقه. فهل يقع الزواج هنا أم يعد هو أيضا باطلا من وجهة نظر الشيخ خالد؟ وإذا استدان من الشيخ أحد اصدقائه مبلغا ولم يحرر به ورقة هل يعتبره شخصيا دينا يستحق الأداء أم يسقطه من حساباته كأن لم يكن لعدم وجود ورقة؟.. وأخيرا فإنني ضد مناقشة أي مسائل فقهية بين العلماء علي شاشة التليفزيون.. فهم في النهاية علماء قد يحمل كل منهم وجهة نظر يدافع عنها بعلم.. أما نحن المشاهدين فسوف يختلط علينا الأمر وقد ننحاز لمن هو أكثر لحنا من صاحبه وسنخرج كمشاهدين يقارع بعضنا بعضا الحجج بما سمعناه تشيعا لما يعجبنا من الآراء دون علم.. والأفضل ان تجري هذه المناقشات في مجالس العلماء حتي ينتهوا إلي رأي محدد يخرجون به إلي العامة. أما ما يحدث من طرح هذه القضايا علي الشاشة فلا يمثل إلا فتح باب للفتن اشتم منه - خاصة علي يد نوعية من مقدمي البرامج - روائح خبيثة لاثارة البلبلة بين الناس.. نسأل الله السلامة.
بدون أعذار
في حلقات قراءة القرآن أشعر بالحزن من مستوي قراءة شخصيات أصحاب مكانة كبيرة في المجتمع ولكنها تجهل قراءة القرآن بشكل صحيح.. كل واحد منهم حصل علي شهادات جعلته الابرز في مجاله ولكنه في غُمرة انشغاله بالدنيا نسي أن يتعلم التجويد واستمر يقرأ القرآن كأنه يقرأ جريدة.. هو يعلم أن هذا كلام الله ولكنه لم ينتبه إلي أن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين. فمن تعلمه بحقه قاده إلي الجنة ومن تركه دون عذر أن يحسن قراءته وتدبره أو اهمل القراءة اصلا وأصبح هاجرا للقرآن ساقه إلي النار.. فلا عذر في التقصير مع كلام الله.