أشعر بحزن من الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. لقد عاصرت منذ الصغر انتخابات برلمانية كان بها قدر من الإحساس بالمواطن ومشاكله ومرشحين لديهم الإحساس بالمسئولية والرغبة فى خدمة المواطن فى جميع أرجاء الوطن سواء بالمساهمة فى انشاء المستوصفات أو دور الايتام أو غيرها من المشروعات الخدمية. انتخابات كنا نعرف مرشحيها حق المعرفة.
الانتخابات البرلمانية أو ما اصطلح على تسميته ∩الاستحقاق الثالث∪ اتسمت بالحضور الباهت وخلو اللجان معظم الوقت حتى عندما قررت الحكومة أن تعطى الناس نصف يوم فى اليوم الثانى للانتخابات وفى الإعادة التى شملت معظم اللجان الفردية انصرف الناخبون إلى بيوتهم علنا دون خجل فلا استفادت الدولة من وجودهم فى العمل ولا فى المشاركة فى التصويت.
هذا الجانب السلبى أهون بكثير من جانب الرشوة التى شملت معظم الدوائر وهو ما اصطلح على تسميته بالمال السياسى.. فالناس علمت مدى حاجة المرشحين إلى أصواتهم حتى ينجحوا بتقدير مقبول فى الجولة الأولى وضعيف فى الإعادة.. لهذا لعبت بعنصر الوقت.. فتأخر الكثير من الناس فى الدوائر عن الإدلاء بأصواتهم وهم يعلمون ان المرشح سيرسل مندوبين حتى منازلهم أو المقاهى يعرضون الرشوة مقابل الأصوات.. بل ان البعض من الناخبين كان أمكر من الاخرين حيث انتظروا حتى اللحظات الحرجة لرفع سعر الرشوة مثل الهدف الذهبى فى الوقت الضائع.
لقد لمنا التيارات الدينية بجميع مصنفاتها لأنها كانت تقدم اللحوم والشاى والسكر والزيت من أجل الحصول على أعلى نسبة تصويت والآن تم استبدال السلع الغذائية بالمال السياسى حتى انه فى بعض المناطق وصل سعر الصوت إلى ٤٠٠ جنيه!
ما بين ضعف المشاركة بين الرشوة العلنية لشراء الأصوات يوجد ناس نجحت بمجهودها وسيرتها الذاتية.. فهل يُقدم هؤلاء استجواب للنواب الذين نجحوا بالرشوة؟!
سؤال يحيرنى ومازالت إجابته تطرح تساؤلات أخرى.. رغم تحديد سقف الدعاية للمرشحين إلا أن التجاوز فى الصرف سواء أكان مقنعا أو علنا فهل تستحق الحصانة هذا الانفاق الضخم إذا استبعدنا العائلات والقبلية التى تنفق من أجل الحفاظ على مقعد البرلمان؟
وهل ستسمح الدولة بعودة الصورة المرفوضة للنائب الذى يجرى وراء الوزير من أجل الحصول على توقيعه من أجل مصالح خاصة.. وهل ستسمح الدولة بعودة نواب القروض والمخدرات ونواب العوالم تحت سقف القبة كما كان يحدث بالأمس خاصة ان هناك نوابا من الزمن السابق عادوا مرة أخرى نوابا تحت ستار ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو.
لاأشعر بالاطمئنان لهذا البرلمان خاصة انه ليس له أرضية شعبية فالنسبة المصوتة محدودة وبلا شباب ولم ترتفع بعض الشئ إلا بعد تلقى الرشاوى خاصة فى الوقت الحرج الذى ليس بعده فرصة لأى مرشح إن فاته الحصول على صوت الناخب بأى ثمن.
أضم صوتى مع من طالب بالبحث عن رئيس للبرلمان معين لعلنا نخفف من وطأة ما حدث فى هذا الاستحقاق وأؤكد أنى مع تعيين الرئيس السابق عدلى منصور ففيه كل ما نرجوه ونأمله من رئيس البرلمان المنتظر.