نعم ابتسامه بسيطه اعترضت طريقي،علي ابواب تلك الحارة ، العتيقة ، سكون ملحوظ حل بها، غرني اياه ـ ذلك السكون ـ، خطوات بطيئة ، بحثت معي ، عن ابناء تلك الحارة، الذين لهم الحق الوحيد ، في كسر ، هذا الصمت، مسافة طويلة من المدخل حتي النهاية ، التي لا اراها، بحكم الامر الذي صدر ، من عيني، المختبئة خلف نظارتي السوداء..
تركتني ـ الابتسامة ـ التي اختفت بين جدران هذا الصمت ، ربما لشئ ما ، فرصة واحدة ستجعلني اعرف كل شئ ، اعتزمت في لحظتي علي الحركة ، علي التو بدأت اولي خطواتي ، التي لم تتعد، الـ 10 خطوات ، مررت خلالها ، بديار ، أكلتها من الداخل ، الحسرة ، المضادة لاي دواء ، نساء ثكالي ، عضهن الفقر، وحفرالزمن، الشقاء ، علي جباههن ، اطفال مرضي ، ورجال
اصبح خيالهم، الميت، هو ذلك الحليف الخفي وراء قضبان، الوهم..
علي ضوء شمعة ، يجلسون ، وفي الظلام ، يتكئون ، وبدون ، عمل او رزق يعيشون ، أي حسرة هذه ، حقا ، انه موت بطيء، سيمفونية حزينة يعزفها، هؤلاء، لحن غريب ، غير ذلك الذي نسمعه بآذاننا، تطربه آلام ابناء هذه الحارة، التي تروي من خلالها سطور من اليأس والخيال معا.
حتما ، انها النهاية ، ـ نهاية الطريق لتلك الحارة ـ وبداية لأصوات ، ممزوجة، هم اصحابها ، ونظرات كأن مصدرها واحد، في صوب واحد ، كسهم ناري ، اضاء الطريق..
انه ذلك القصر ، الانيق ، أصوات تلك الطبول ، تدق داخله ، سكاري علي ابوابه، اناس ، من عالم آخر ، وداخله، الزينة معلقة ، الموسيقي الهادئة ، بين اركانه ، ويجلس هؤلاء ، العشاق ، علي سلالمه ، المختبئة ، خلف هذا الفراش ، الذهبي ، الامر بيدهم ، كما يدعون ، بين اركانه ، انوار خافتة ، مسلطة علي طاولات ، عليها كل لون من المياه والغذاء، هنا تبعثرت ، افكارهم ، وأصبحت الضفائر المكورة ، بين احضان ، نسيت اهل الحارة..
يا اصحاب الزينة ، المزيفة ، يا ارباب الفتن و، المؤامرات ، انها الحارة صاحبة ، الأصالة والعراقة ، انها الاوجه البسيطة ، المليئة بالتجاعيد ، المنسوجة ، علي حوافها، عرق الزمن، ايها الحاقدون حتي ، علي الوجه البشوش ، انها الحارة ، التي يخرج من رحمها ، القلوب البيضاء ، اتركوا لها الفرصة ، كي تعيش ، تقبلوا ولو صوتها، المعبر عن وجودها ، ولا تعتبروها معبرا، لمطامعكم..
سيدي الراعي : في كل حارة حسرة وفي كل قصر زينة.