غاية الدعوة الاسلامية هى ان يرتبط الانسان فى كل انواع سلوكه بالمنهج الالهى الذى جاء به سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام.. وذروة هذا المنهج هى مكارم الاخلاق، ففى الحديث الشريف: ∩خير الناس أحسنهم خلقا∪..
وهذه القيمة العليا هى ارقى ما تصبو اليه حضارة تريد ان تحقق للانسان كرامته وقيمته، فالمجتمع الذى يحافظ على جوهر الدين هو مجتمع قادر على ان يحقق المستحيلات، وقد كان الامر كذلك، فالمجتمع الاسلامى فى فجر الاسلام اذ استطاع المسلمون خلال اربعين عاما ان يقيموا دولة عظمى من اقدر دول العالم على تحقيق العدالة والمساواة والاخاء والتقدم، وعندما ضعف التزام المسلمين بعدئذ بأصول دينهم توالت عليهم الكوارث والنكبات.. وما آل إليه حال الامة العربية والاسلامية فى هذه الايام خير شاهد على ذلك..
لقد أكدنا على ضرورة الاهتمام بالتربية الاخلاقية، وان نأخذ امورنا بكل الجدية والموضوعية، وفى اطار من التخطيط المتوازن والمتكامل، بذلك يتحقق الهدف المرجو منها وهو ايجاد انسان محب لوطنه، كما ان التعلم فى الصغر كالنقش على الحجر، ويثبت فى القلب والوجدان، حيث يتلقاه الطفل منذ الصغر من ابويه، وتتسع دائرته فيما بعد لتشمل المجتمع والحياة كلها.
ومن المسلم به ان التعليم هو احدى وسائل التعلم، ومن الواضح ان المجتمعات التى اعتمدت فى التعلم على المدرسة وحدها دون ان تقوم كل من الاسرة والمجتمع بدورهما فى التربية الاخلاقية والتنشئة الصالحة قد عجزت عن خلق المواطن الصالح الذى يتميز بحسن الخلق وبانتمائه الوطنى.
والتربية الخلقية فى الاسلام لم تكن مجرد كلمات تحفظ او شعارات تعلق او آيات تتلى عن الفضائل، ولم تكن مجرد الفاظ يتلقاها المتعلمون ليصبحوا ذوى اخلاق حسنة.
كما تشير د. أمينة احمد حسن فى مؤلفها : ان التربية الخلقية فى الاسلام ترتبط بالاقوال والافعال، لان الاسلام دين معاملة وتعامل وليس دين الفاظ وشعارات، ومن صفات المنافقين انهم يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم، فالشعور الباطنى لابد ان يكون صادقا مع العقل الخارجى حتى يكون الفرد مؤمنا بالله عز وجل.
والشعور الباطنى لا يقدر على معرفته غير الله سبحانه وتعالى، اما السلوك الخارجى، فإن ادراكه على المؤمنين.. وقال الله سبحانه وتعالى فى سورة التوبة آية 105: ∩وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون∪..
وسأل رجل الرسول عليه الصلاة والسلام: ∩ما الدين∪.
قال له: ∩حسن الخلق∪.
لهذا اهتم الاسلام بالطفولة، فهو دين علم ونور وهداية، لا دين جهل وفساد، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ∩علموا اولادكم، فإنهم مخلقون لزمان غير زمانكم∪..
وأكد الاسلام على طلب العلم والتعلم والاطلاع، قال صلى الله عليه وسلم: ∩لايزال الرجل عالما ما طلب العلم، فإن ظن انه قد علم فقد جهل∪..
وقد اكدت الدراسات التربوية ان الناشئة والشباب هم اكثر فئات المجتمع تقبلا للعلم والتعلم، هم انصار كل جديد، وانه يسهل عليهم تقبل التغيير فى ظل الظروف الاجتماعية المتغيرة، ومعلوم ان التربية هى تنمية شخصية الفرد واستعداداته وقدراته والكشف عن مواهبه ومحاولة تشكيل اخلاقه بشكل يتفق مع مبدأ وتقاليد ثقافة المجتمع.
والحديث موصول