آه ياشتا زمان كان بردك قاسي، لكن مغلف بالدفء والحنان، كانت البيوت تشوفها تقول مهجورة ومش ممكن يكون فيها ناس، ولما تدق بيبانها تشعر بالدفء والحنان، كانت لمتنا حوالين الباجور وصريخ صوته وكأنه سيمفونية واحنا بنكلم بعضينا وكأننا فرقة بتكمل لحن عزفه اروع فنان، فكرك ياما وفاكر دفاكي، لما يدخل الشتا دارك تعيشينا اسعد لحظاتك وكأنك بترممي عظامنا بغذاكي، تفانين كتيرة وكل مرة تقولي كلو ياولاد وادفو أصل الدفا عفا وكل ما تزيد سخونة طعامك نقول الله عليكي يامتعانا بحنانك، ولما تضيق اليد تدفينا باحضانك، رغم السكون اللي كان مالي الحي عمرك ياما مانسيتي خالتي بهية ولاعظيمة ولافاطمة ولاعطيات، كل دول كانوا جيرانا ومن العادة بقوا في مقام الخالات، ولما الباب يخبط تقولينا اكيد خالتك فلانة بترد الزيارة واوعي تقول لها عندنا كتر خيرها انها جات، ولما السكون في الليل يزيد ونسمع رجل في البرد بتخطي بركة ميه نقول الله يقويه ويعينه اكيد راجع بعد الشقي والبرد زمانه أكل عظامه، اللي يخليه يتحمل كل ده اكيد عنده كوم من العيال، كل اللي قلته من الذكريات شريط طويل افتكرته وانا راجع في الفجرية والبرد كان شادد حيله، قلت لنفسي ليه زمان مابيرجعش والدفا يعشش قلوب الناس من تاني، واسمع صوتها، بيقولي لما القلوب تتحجر بتزيد قسوتها وبتكون أصعب من الأيام، وهي عينيك شايفة اطفال كتيرة نايمة في الطل سريره علي قد جسمه بيلامس الأرض ولحافه كرتونة مغطي بها يدوب ظهره وتقولي برد طيب يعمل ايه المسكين ده وهو كده كده ملازم البرد، وأصبر نفسي وأقول أكيد ربنا هيعاقب أهله اللي سبوه في الشارع ينام، والتفت الآي عجوز بيتكتك من البرد طيب من اللي سابه كده، أقول ولاده ولا يعيني ملوش ولاد، وارجع اقول أصل الحنان والدفا في القلوب غرسة وغرسها ربك مش ممكن ينزعها إنسان