لم تكن مفاجأة أن أحدالمتهمين الاربعة في حرق الملهي الليلي بالعجوزة سيحاكم طبقا لقانون الطفل حيث لم يبلغ عمره الثامنة عشرة سنة.. القانون اعتبره طفلا وبالتالي كل من ارتكب جريمة قبل الـ ١٨ فهو إما أن يلحق بمؤسسة لرعاية الاحداث أو يظل في كنف والديه خاصة إذا كان صغير السن.
وليست هذه هي القضية الاولي التي يكثر حولها الجدال عندما يتبين أن مرتكب الجريمة دون الثامنة عشرة فقد سبق أن أفلت واحد من مغتصبي زينة طفلة بور سعيد من عقاب الاغتصاب المقرون بالقتل من جريمته بحجة أن عمره وقت ارتكاب الجريمة ست عشرة سنة.
وبين القانون الوضعي الذي يغل يد القاضي في الحكم الرادع علي مثل هؤلاء وبين التكليف الإلهي الذي رفع القلم عن ثلاثة أحدهم الصبي حتي يحتلم.. أي حتي يدخل بيولوجيا في أعداد الرجال.. هنا تبدأ عملية تسجيل كل أفعاله وأقواله التي سيجدها كتابا منشورا بين يده اليمني أو اليسري حسب ما زرع في دنياه.
قد يغفر الله له ما ارتكبه في حق نفسه وحق الخالق ولكن لن تسقط عنه عقوبة ما سواه في حق العباد من سوء إلا بالتوبة والاستغفار علهما يخففان عنه يوم يؤخذ من حسناته عوضا عن إساءاته ضدالناس أو يؤخذ من سيئاتهم لتوضع في ميزانه تعويضا عما ارتكبه في حقهم.
وما يرتكبه العبد من سيئات في حقوق الغير كثيرة، بعضها يمكن تداركه بطلب العفو والصفح والسماح والاخر من الصعب أو من المستحيل أن يعود كما كان كما في حالة القتل أو العاهة المستديمة.
وإذا كنا نتحدث عما قرره الدين من حقوق للبلاد والعباد اسماها القصاص وجعل لنا فيها حياة فإن الدين لا يبالغ أو يقف ضد حقوق الانسان وينتقص منها وكلنا يعلم أن هناك دولا لا علاقة لها بالاديان من بعيد أو قريب ولكن قوانينها الوضعية تزيد أحيانا في بنودها العقابية ما قرره الدين الحنيف.
وإذا جئنا لليتامي ومطالبة الدين لأوليائهم بأن يدفعوا إليهم أموالهم اذا آنسوا منهم رشدا لم يحدد مسألة الدفع هنا ببلوغ سن الاحتلام، فربما كانت الحكمة أن التعامل مع المال يتطلب نضجا عقلانياً مغايرا عن غيره من الامور التي لا فصال فيها أو اختلاف مثل الحلال والحرام والصح والخطأ والعيب وعكسه وقيم الحق والعدل والجمال التي هي فطرة في النفس البشرية تحتاج إلي صقلها وخروجها من حنايا النفس إلي أن تجسد في تعاملات الحياة اليومية.
والقانون يتيح الزواج للفتاة في سن السادسة عشرة وللشاب في سن الثامنة عشرة أي أن المشرع يجد في هذين العمرين قدرة الشاب والفتاة علي فتح بيت وإدارته وإنجاب أطفال وتحمل مسئولياتهم.
يقشعر البدن كلما سمع عن جريمة من تلك الجرائم التي ابتلينا بها في السنوات الأخيرة، ويصاب العقل بالصدمة عندما يكتشف أن القوانين تمكن شابا ذا ١٦ أو ١٧ عاما الافلات من العقاب وينبري الكثيرون بالبحث عن الأسباب التي أدت إلي أن يرتكب مثل هؤلاء الصغار والكبار هذه الجرائم.. ولا أدري ما معني أن يحمل صبي عمره يقترب من الـ ١٨ عاما الا قليلا السلاح الابيض وينفذ به في قلب واحد من أقرانه مع أول احتكاك سواء كان في الشارع أو المدرسة وأحيانا الجامعة، فهل نبحث عن الذي سمح باستيراد هذا السلاح الابيض أو صاحب الورشة الذي يقوم تحت بئر السلم بتصنيع الخرطوش أم الأب والأم اللذين لم يحسنا التربية ونترك الجاني الذي لم يبلغ الـ ١٨ عاما بعد لأنه طفل.
ومن قانون الطفل إلي موضة مراكز أخري تحت مسميات مختلفة تدعو كلها إلي الغاء عقوبة الاعدام، كل فترة مؤتمر تحت شمس أسوان الدافئة أو نسيم شرم الشيخ الساحرة حيث تقدم الابحاث ويتباري المشاركون في الدفاع عن إنه القاتل المغتصب السارق بالاكراه والمسجل خطر الذي قد يدفع واحد من هؤلاءالمشاركين وربما أنا وأنت حياته ثمنا لمحاولة سرقته أو سلبه مكرها.
أتمني وانعقاد مجلس النواب الجديد علي الابواب أن يتبني البعض ممن اختارهم الشعب مسألة تعديل قانون الطفل والنزول بسن العقاب إلي ١٦ عاما علي الأكثر ان لم يكن أقل من ذلك بعام أو عامين.
إذا أردنا الحياة.. فعلينا بالقصاص.. ويا ريت يكون القصاص الذي حدده رب العالمين.
المنشاوي.. سلام عليه
أمسك بالريموت كونترول وأقلب بين الفضائيات المخصصة للقرآن الكريم وأتوقف عندما اسمع صوت الشيخ محمد صديق المنشاوي والذي تكتبه احدي القنوات محمد المنشاوي ولا أعرف لماذا يختصرون اسمه الذي اشتهر به عمره كله.. المهم اتوقف عند الصوت الذي يختفي بعد دقائق معدودة ليتوالي بعد ذلك عدد من قارئي القرآن من جنسية أخري تم التسجيل لمعظمهم أثناء صلاة القيام ليضيفوا الي قراءاتهم سرعة أخري غير السرعة التي يتسمون بها عند القراءة عموما.
أتذكر الرجل الذي رحل عام 1969 وعمره تسعة وأربعون عاماً وأسعي الي جهاز اللاب توب لأستمع الي ترتيله او تجويده وأحلق مع الشجن الذي في صوته وادعو الله ان يجزيه عن القرآن وعن مستمعيه خير الجزاء.