أخيرا وبعد مفاوضات شاقة وعسيرة امتدت اثني عشر يوما نجح مؤتمر المناخ في باريس للتوصل إلي الاتفاق المأمول للحفاظ علي كوكب الأرض.. والعمل علي ألا تتجاوز درجة حرارة الكون عن درجتين مئويتين وان تشارك كل دول العالم المتقدمة منها والنامية في العمل علي بلوغ هذا الهدف طبقا لمبدأ العمل المشترك ولكن مع تباين الأعباء بين الدول.. نجح مؤتمر باريس فيما فشل فيه مؤتمر كوبنهاجن منذ ست سنوات.
الخلافات التي شهدتها المؤتمرات السابقة كانت تتركز في رفض الدول النامية الالتزام بأي قيود علي حركة التنمية فيها واستخدامها للوقود الإحفوري في التنمية لأن هذا حقها.. وان ما لحق بالمناخ من احتباس حراري هو نتيجة التنمية التي شهدها العالم الصناعي منذ الثورة الصناعية وحتي الآن وأنه المتسبب في هذا التدهور التي لحق بالمناخ ولهذا فانها تطالب العالم المتقدم بأن يتحمل تكلفة اصلاح ما أفسده أو وقف التدهور فيه.. ومن هنا فانها تطالب بتوفير التمويل اللازم لعملية التغيير في نمط التنمية ليصبح محافظا علي المناخ وعدم اضافة غازات احتباس حراري جديدة إلي الغلاف الجوي..كما تطالب بنقل التكنولوجيا النظيفة.. وبناء قدرات كوادرها الفنية لتحويل اقتصادها إلي اقتصادأخضر صديق للبيئة يسعي إلي استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة في عملية التنمية بدلا من الوقود الإحفوري.. وكانت الدول المتقدمة تضع العراقيل امام تحقق هذه المطالب ولهذاباءت المؤتمرات السابقة بالفشل.
وفي باريس كاد المؤتمر يتعرض للفشل حتي اللحظات الأخيرة حتي قدمت فرنسا مسودة اتفاق راعت فيه بعض مطالب الدول النامية- وتنفس العالم الصعداء عندما أعلن فابيوس رئيس المؤتمر «وزير خارجية فرنسا» عن التوصل إلي اتفاق يرضي جميع الأطراف.. وضجت القاعة بالتصفيق الحاد وتبادل الجميع التهاني.. ولكن اذا كانت الدول قد توصلت إلي الاتفاق التاريخي للحفاظ علي مناخ الكوكب.. فان المعول الرئيسي لنجاح هذا الاتفاق يتوقف علي العمل.. والعمل الجاد والشاق لتنفيذه.. خاصة أن بدء تنفيذ الاتفاق سيكون عام ٢٠٢٠ بعد انتهاء العمل ببروتوكول كيوتو الذي لم ير العالم بدا من مد فترة العمل به خمس سنوات أخري حتي يدخل الاتفاق الجديد حيز التنفيذ بتوفير ١٠٠ مليار دولارسنويا للدول النامية لتنفيذ برامجها ومخططاتها لخفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري.. وحتي هذا التاريخ ستعمل الدول مجتمعة علي خفض الانبعاثات طواعيةللدول النامية.. والزاما للدول الصناعية.. كما تعمل الدول المتقدمة علي مساعدة الدول المتضررة من تغيرات المناخ علي التكيف مع الآثار السلبية لهذه الظاهرة.. وأن تسعي الدول المتقدمة إلي توفير الدعم اللازم لهذا الهدف.
نجاح السيسي
واذا كان هناك نجاح آخر حققه المؤتمر.. فهو النجاح الذي حققته مبادرة الرئيس السيسي التي قدمها باسم القارة الافريقية بضرورة توفير دعم عاجل لافريقيا يبلغ عشرة مليارات دولار لمساعدتهاعلي التحول إلي استخدام الطاقة النظيفة في التنمية.. وهو ما تحقق بالفعل حيث قدمت كل من فرنسا والمانيا وكندا وبعض الدول الاوروبية الأخري الدعم المطلوب لافريقيا بصورة استثنائية ايمانا منها بأن افريقيا هي اقل مناطق العالم في انبعاثات الغازات المسببة لتغير المناخ.. واكثر المناطق تأثرا بالظواهر السلبية للاحتباس الحراري.. ويبقي العمل الشاق مطلوبا في المرحلة القادمة للحصول علي دعم للمبادرة الثانية التي قدمها الرئيس السيسي بضرورة مساعدة الدول الافريقية المتضررة من تغير المناخ علي التكيف مع الآثار السلبية لها. وهي لاتقل اهمية عن المبادرة الاولي ولهذا فان مجلس وزراء البيئة بالدول الافريقية وعلي رأسه الآن الوزير النشط الدكتور خالد فهمي وزير البيئة المصري.