أتحدث عن بلدي.. عن مصر التي كرمها الله وأمّن الداخلين إليها، فما بالنا بمن يعيشون علي أرضها.. مصر هي وعد الله بالسلام والآمان والدفء والمروءة والعطاء والكرم.
مصر وفي قلبها القاهرة التي عودتنا أن تكون لنا نحن المصريين الحامية الدافعة للشر، القاهرة التي تقهر كل من يراوده خيال مريض أن يقترب منها، أو أن يجتاح أرضها، أو تسول له نفسه أنه قادر علي أن يفتتها أو يشتتها، أو أن يستقطب أهلها ضد مصالحها، أو يحاول تفريقهم، أو فتنتهم.
ولا أتحدث هنا.. عن قلة خائنة يعلم الله ضميرهم، وما تضمر من سوء نوايا، وصدورهم وما تحوي من شرور.. وعقولهم وما تضم من ضلال، ونفوسهم وما تنوء به من كراهية، كراهية أغشت أبصارهم وأصمّت آذانهم.. فصاروا لا يرون.. ولا يسمعون.. ولا يعقلون، وهذه الفئة يتضاءل الأمل يوما بعد يوم.. في أن نحاورهم.. أو نحاول استعادتهم.. وما علينا إلا أن ندعو الله لهم بالهداية، وتذكيرهم بخير الوطن.. وخير أهل الوطن، وبالجذور التي تضمهم للأرض.. وبالقبور التي تضم أحبابهم تحت الأرض !
ولا أتحدث أيضا.. عن الأقليات الشابة التائهة ممن لاتزال الحياة لم تختبرهم بعد بتجاربها الصعبة، مما قد يأخذهم إلي شواطئ الغربة، فيعتزلون، ويتباعدون، ويصمّون آذانهم عن نصائح الأهل، أو نداءات الوطن.. وهؤلاء قريبا سيعودون من تلقاء أنفسهم محبين مستجيبين راغبين.. شريطة ألا نقهرهم أو نعاندهم أو نتخلي عنهم أو نحكم عليهم بالفشل، أو أن نرميهم بالجهل..
هؤلاء عائدون إلينا نحن الأهل، وإلي حضن الوطن.. وإلي العمل، فقط عندما يرون الشباب الآخر الذي انتمي للوطن.. ولم يعتزل بسلبية.. بل تقدم صفوف الكبار بإيجابية تشهد له بكافة الحقوق التي تؤكد له أن المستقبل والأمل ملك يديه، وأنه بالعمل والكفاح والثقة بالذات، والابتكار والإبداع، والأهم الإيمان بالله.. ذلك الإيمان الوسطي الرائع المتحضر الذي يفتح له أبواب الحياة علي مصراعيها، ويمنحه اتزانا نفسيا يضيئ له طريق النجاح، ويمكّنه من التواصل مع الأجيال.. فيأخذ من الكبار حكمة ونضج التجربة.. ويمنح الصغار القدوة المحفزة والرؤي المستقبلية المشرقة.
هذه هي بلدي وبلدكم مصر.. مصر الصامدة عبر الأزل.. الساكنه بهدوئها علي جوانب نهر النيل- الذي لن يمنعه عنا أحد كان من كان - الساكنة يضمها إليه بعشق ووله وحنان، ليمنحها أسرار الآمان والبقاء والبناء والعمار، والجذب والاحتواء، والتدين والإبداع والزهو بالذات.. ويمنحها عطر السنين، وحق احتكار التاريخ، والقدرة علي التصدي للمحن، والحنكة في اختيار توقيتات الحرب والسلام.. هذه هي بلدي مصر.
>> مسك الكلام :
ولي وطن أعيش بين ضفتيه.. وشاطئ أرنو إليه.. وشمس تدفء قلبي.. وسكن أعشق سكناه.. فيارب احفظه لي.. احفظها لنا مصر