لأسباب غير واضحة نظرا لكونها مدفونة في أغوار نفوس أصحابها، يحاول البعض جاهدا الآن بعث الحياة من جديد، في بعض القضايا موضع الخلاف، أو التي كانت خلافية في وقتها وزمانها، من وجهة نظر من أشعلوها وتعصبوا لها في جينها،...، سعيا لإعادة طرحها وإثارة النقاش حولها، وكأنها أصبحت قضايا حالة تستوجب الفصل وتستدعي البت. وفي هذا السياق تأتي المحاولات الجارية الآن لإعادة طرح قضية مسئولية وصلة كل من الرئيسين عبدالناصر والسادات عن نصر أكتوبر وملحمة العبور، وكأنها قضية خلافية وموضع انقسام في الرأي والرؤية،...، وكأنها أيضا أصبحت من الأولويات المتصدرة لاهتمام الجماهير،...، وكلاهما غير صحيح، فلا هي تشغل الناس، ولا هي أيضا قضية مختلف بشأنها بين المواطنين. وقد اشرت بالأمس إلي الأخطاء التي وقع فيها بعض المتعصبين من المناصرين لكل من الرئيسين عبدالناصر والسادات، بما يؤكد وجهة نظري في أن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه هؤلاء المتعصبون علي الجانبين  هو اصرارهم علي وضع الرئيسين موضع الضد وتصور أن مناصرة أي منهما تستوجب رفض الآخر، وأن الاشادة بأي منها تعني الحط من قدر الآخر. وفي تصوري أن ذلك خطأ جسيم، نظرا لكونه يتنافي مع الواقع الذي كان مبينا للعلاقة بين عبدالناصر والسادات طوال الفترة منذ ١٩٥٢ وحتي وفاة عبدالناصر،...، هذا الواقع الذي يؤكد أن السادات ظل بجوار عبدالناصر طوال هذه الفترة بخلاف بقية أعضاء مجلس قيادة الثورة،..، كما أنه يتنافي أيضا مع الحقيقة المؤكدة التي تقول بأن عبدالناصر قد اختار السادات نائبا لرئيس الجمهورية قبل وفاته بفترة وجيزة،...، وهو ما يعني الثقة الكاملة بينهما، حتي ولو كان ذلك لا يروق البعض. وفي تصوري كذلك، أن عبدالناصر قد أحسن الاختيار، وان السادات كان علي قدر الثقة التي وضعها عبدالناصر فيه، حيث انه حقق ما كان عبدالناصر يتمناه ويحلم به ويعمل من اجله ليل نهار، وهو أن يتمكن من خوض حرب التحرير وينجح في استعادة الارض التي فقدناها في ١٩٦٧ ويثأر للهزيمة أو النكسة،...، وقد فعلها السادات. »وللحديث بقية»‬