أحسب ان الوقت قد حان لإغلاق ذلك الملف الذي يحاول البعض بعثه للحياة من جديد لأسباب غير واضحة، وتحت ضغط أفكار خاطئة، مترسبة في نفوس أصحابها، تدفعهم للقول علي غير الحقيقة وبالمخالفة للواقع، بوجود خلاف في الرأي بين عموم الناس، حول دور وصلة كل من الرئيسين عبدالناصر والسادات بنصر أكتوبر وملحمة العبور. ومن المؤكد أن أقوالهم تلك تحمل في طياتها قدرا كبيرا من المخالفة لواقع الحال، وللحقائق التاريخية المبينة للعلاقة بين عبدالناصر والسادات، منذ قيام الثورة في يوليو ١٩٥٢ وحتي وفاة الرئيس عبدالناصر في سبتمبر ١٩٧٠. تلك الحقائق التي تقول بأن السادات كان هو الوحيد من بين أعضاء مجلس قيادة الثورة، الذي ظل علي ذات المسافة من القرب بعبدالناصر طوال هذه الفترة، وهو ما لم يحدث بالنسبة لبقية أعضاء المجلس. فإذا ما أضفنا إلي ذلك ان عبدالناصر قد اختار السادات نائبا وحيدا لرئيس الجمهورية وفوضه في مسئولية إدارة شئون البلاد خلال فترة سفره للخارج، التي سبقت وفاته، لتبين لنا قدر الثقة التي كان يتمتع بها السادات لدي عبدالناصر، وهو ما يتنافي مع ما يحاول البعض ترويجه عن خلافات وتنافر بينهما. وحتي ننهي هذا الجدل العقيم، الذي يحاول البعض إثارته وتسويقه، هناك عدة حقائق لابد من ذكرها في هذا الموضوع وتلك القضية. أولا: ان  أحدا لا يستطيع ان يشكك علي الاطلاق في وطنية وإخلاص أي من الرئيسين، وبذل كل منهما غاية الجهد في خدمة وطنه ومواطنيه، والوفاء بمسئولياته قدر الاستطاعة في ظل ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد. ثانيا: ان أحدا لا يستطيع أن ينكر علي الإطلاق، أو حتي يتجاهل ولو للحظة واحدة، ان الرئيس السادات هو صاحب قرار الحرب، والقائد الذي تحمل المسئولية وملك الشجاعة لخوض معركة التحرير والعبور واسترداد الأرض والكرامة. ثالثا: ان أحدا لا يستطيع أن ينكر علي الإطلاق أو يتجاهل، ان الرئيس عبدالناصر هو الذي قرر وأعلن ان ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وهو الذي بدأ إعادة بناء القوات المسلحة، وخاض حرب الاستنزاف التي كانت بمثابة عملية الإفاقة الضرورية للقوات خروجا من مرارة النكسة وتأهبا للقتال. وأخيرا وليس آخرا، لابد أن يدرك الجميع أن  أمامنا العديد من القضايا المهمة والمصيرية، التي تستوجب الاهتمام والفحص والنقاش والعمل، وليس من بينها علي الإطلاق تلك القضايا التي يحاول البعض إحياءها من جديد لأسباب غائمة ودون مقتضي ولا فائدة.