طبقا لما عشته خلال حرب الاستنزاف، وما عانيته من تدريبات لم تتوقف كانت ذروتها تجربة العبور التي تمت في يوليو ١٩٧٠، تحت قيادة وبحضور الفريق أول محمد فوزي، يمكن القول استنادا إلي الظروف الموضوعية، أن الجيش المصري كان متأهبا لمعركة التحرير، كانت العقيدة القتالية للقوات المسلحة وقيادتها تحرير كامل التراب الوطني، مع تولي أنور السادات الذي كان يحمل رؤية مغايرة تماما لما بذل الجيش الجهد من أجله وتدرب عليه، بدأ تغيير الهدف الاستراتيجي من العبور وتحرير سيناء بالكامل والوصول إلي خط الحدود الدولية عام ١٩٦٧، إلي عبور يليه وقفة بعد انشاء رؤوس كباري، ثم بدء عملية سياسية يجري بموجبها تحول عميق في الموقف باتجاه الولايات المتحدة، كان مهندس هذه التحولات الدكتور هنري كيسنجر أشد السياسيين بالولايات المتحدةدهاء والموالي لاسرائيل تماما، هنا لابد من توضيح، أنني لست ممن يستخدمون مصطلحات الخيانة بسهولة، كان للسادات رؤية تتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي، وبالتالي قام بتغيير أهداف الحرب، من التحرير إلي التحريك، وكان لديه أمل كما تثبت الوثائق والقرائن أن يتوصل إلي حل سياسي بدون حرب، من هنا كان مسئولا عن تأخير قرار الحرب من ١٩٧٠ إلي ١٩٧٣، ويبدو من تفاصيل اجتماعه مع قيادات القوات المسلحة أن قادة الجيش كانوا مدركين أو تكشفت لديهم نواياه الحقيقية، من هنا وقع صدام بينه وبين بعض القيادات في إجتماع الجيزة الشهير أقال فيه الفريق محمود فهمي قائد القوات البحرية، ثم أعلن عن عام الحسم ولم يحسم، تعلل بحجة تبدو كوميدية، بالضباب الناتج عن الحرب الهندية الباكستانية، وأطلق علي عام ١٩٧٢، عام الضباب، كان الجيش المصري متحفزا للقتال، يبذل الجهد والعرق للتدريب ثم الحرب، كان تعداده مليونا ومائتي ألف من أنبل رجال الوطن من شبابه الذين تلقوا تعليما عاليا، معظمهم جندوا في عام ١٩٦٦ ولم يخرج من الخدمة إلا عام ١٩٧٤، كان هدف السادات تغيير المسار باتجاه امريكا وليس تحرير الارض، وربما يفسر هذا الطريقة التي طرد بها الخبراء الروس، هنا أوضح أنه كان من الضروري الاستغناء عن الخبراء الروس قبل بدء العبور، ملاحظتي علي الطريقة. التي تم بها طرد الخبراء الروس، في ١٩٧٢ حضرت مؤتمرا عقد في الكلية الفنية العسكرية تحدث فيه الفريق محمد أحمد صادق، ورغم تقديري للدور الذي قام به في مساندة المجموعة ٣٩ التي قادها البطل إبراهيم الرفاعي، إلا أنني أتحفظ كثيرا علي دوره في الخامس عشر من مايو، عندما اعتقل القائد العام الفريق أول محمد فوزي، ويشاء القدر أن يستبعده السادات بطريقة مقاربة ايضا.