ما كل هذه العنجهية والمنظرة التي يستفزنا بها كثير من المسئولين ليل نهار ؟! هل ظنوا أنهم فوق التقويم والمساءلة، فازدادوا غرورا واستعلاء علي خلق الله؟!

أنت يا صاحب التجليات الإنسانية في أصول رئاسة وادارة شئون العباد ؟!، هل يرضيك ما نسمعه حاليا من بعض المسئولين لدرجة ان احدهم يقول لسيدة فاضلة في لقاء عام «لمّا الرجالة تتكلم الستات تسكت» وآخر يدخل علي طبيب فاضل وسط حاشيته ويقول له «أوم أقف وانت بتكلمني»؟! لن اسرد العديد من النماذج الاخري في هذا السياق لانني لا أقصد الاساءة لأحد بل اقدم النصيحة لأي مسئول علا أو صغر شأنه في كل مواقع المسئولية ، لذلك ناديت بأعلي ما في صوتي واستدعيت في ذاكرتي مقولة ابي بكر الصديق وتجلياته الانسانية في حكم العباد وادارة شئونهم حيث قال: «وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أصبت فأعينوني، وان أخطأت فقوموني».
لم يقل الصديق ابو بكر إنه تولي الحكم لأنه «ثاني اثنين اذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا» أو لانه أعلم الصحابة وأقربهم لقلب رسول الله صلي الله عليه وسلم ، ولم يتحدث عن العديد من فضائله في اقامة الدولة الاسلامية كي يحظي بسلطة دينية تجعله فوق التقويم والمساءلة كما يفعل خلفاء آخر الزمان مثل ابي بكر البغدادي ومن هم علي شاكلته ، بل اكد الصديق ان عصر النبوة قد انتهي، وما هو إلا بشر مثلنا يطلب من الرعية ان يقوموه حين يخطئ لان سلطته السياسية لا تمنحه أي ميزة تجعله فوق التقويم والمساءلة
ألم يسمع بعض مسئولينا المقولة الشهيرة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب: «أصابت امرأة وأخطأ عمر»؟! ، وألم يعلموا أن مشورة أم المؤمنين أم سلمة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية كانت سببا في اقناع الصحابة بقبول هذا الصلح ؟!، ألم يعرفوا أن الصحابية خولة بنت ثعلبة قد سمع الله سبحانه وتعالي قولها من فوق سبع سماوات، وهي تجادل الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم، وتشتكي إلي الله ، فأعلي الله من شأنها وذكرها بأن أنزل أمين الوحي جبريل بآيات سورة المجادلة : «قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلي الله، والله يسمع تحاوركما، إن الله سميع بصير»، هذه الصحابية امتد بها العمر ورأت الفاروق عمر سائرا مع معاونيه فقالت له: «اتق الله ياعمير، فقد كنت فينا صغيرا راعيا للغنم بشعاب مكة، واليوم أصبحت أميرا للمؤمنين» ووقف أمامها عمر خافض الرأس مصغي السمع مبتسما، وطلب منها أن تعينه بالمشورة وأن تدعو الله له، ولم يحرك ساكنا حتي سارت لحال سبيلها، فسأله أحد معاونيه: من هذه؟ قال عمر: إنها خولة بنت ثعلبة التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، ألا يسعد ابن الخطاب بنصيحة ومشورة أمثالها؟!.
ما كل هذه العنجهية والمنظرة التي يستفزنا بها كثير من المسئولين ليل نهار ؟! هل ظنوا أنهم فوق التقويم والمساءلة، فازدادوا غرورا واستعلاء علي خلق الله؟!
[email protected]