تعارفت البشرية من المؤرخين على ان عجائب الدنيا سبع، إلا أننا فى مصر لا نعترف بهذا العدد من العجائب ولم نرض به، فزدنا من العجائب بلا حدود، وأصبحنا ننفرد بالعشرات من العجائب بل ومازلنا نتبارى فى استحداث المزيد منها، وياليت هذه العجائب تكون مصدرا للدخل القومى الناتج من السياحة العالمية، بل أصبحنا مصدرا للتندر علينا محليا وعالميا.
خذوا مثلا: نحن شعب ننفرد من بين شعوب الارض قاطبة بأننا نحتفظ بالأحذية ونصونها فى فترينات مكيفة ونظيفة، بينما نضع الخبز على الأرصفة للأتربة ورصاص عادم السيارات وللمارة يلمسونه كيفما شاءوا، ورغم ذلك تقبل الناس عليه.
نحن شعب يعدم نفسه بنفسه دون البشرية جمعاء، فنقذف بمخلفات الصرف الصحى، والحيوانات النافقة، والمخلفات الصلبة للمصانع، ومخلفات السفن فى نهر النيل، حتى تحولت مياهه إلى ما يشبه خام البترول، ونستخدم المياه فى الرى فتتصحر الاراضى الخصبة، وتشرب منها بعض الحيوانات مضطرة فيقل جهدها فى خدمة الفلاح، ويقل انتاجها من الالبان، ويتغير طعم لحومها، والمصرى هو الضحية ومصيره الفشل الكلوى والكبدى، فنستورد أدوية بالمليارات.
ومن عجائب الدنيا التى ننفرد بها، ظاهرة الغش الجماعى بمباركة بعض اولياء الامور وبعض المدرسين، وجنوح الطلاب إلى التواكل وعدم التحصيل اعتمادا على الغش.. هل رأيتم شعبا فى الدنيا يساهم فى هدم مستقبل البلد بنشر ثقافة الغش الجماعى، هل رأيتم فى الدنيا اولياء الامور فى القرى يتبارون فى جمع الأموال لتجهيز الوجبات ( الفطير المشلتت وعسل النحل وخلافه) ومن لا يقبل الرشوة الغذائية أو يرفض الغش من المدرسين يتعرض للتهديد والاذى؟
فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة جاهدة للحصول على قروض ومنح وتسهيلات ائتمانية من البنوك والمؤسسات الدولية لاستصلاح مليون ونصف مليون فدان، تتواصل وتتسارع أعمال البناء على الاراضى الزراعية القديمة أسرع من سريان النار فى الهشيم، وعلى مرأى ومسمع من الجميع فى ظل تراخى ورشاوى وتحايل على القوانين، ثم نشكو من الغلاء.
نحن ننفرد بأننا الدولة الوحيدة التى تنفق الملايين على مشروعات البنية الاساسية وفى الاعوام التالية للافتتاح تظهر المساوئ، أو تطلب الاصلاح، أو تطمس( خذوا مثلا شارع الهرم) من سنوات قليلة انفقت الدولة الملايين على انشاء شبكة صرف للأمطار على جانبى الطريق، وقبل ان تقوم الشبكة بمهامها فى تصريف المياه، قام عمال النظافة بردمها للتخلص من الاتربة، فهل فكرت المحافظة فى تسليكها قبل الشتاء؟ طبعا لا ! وتركت الروبة تغرق المارة وتعوق حركتهم، وجاءت سيارات الكسح الكسيحة لشفط بعضها.
فى الوقت الذى يتجه فيه العالم كله لتركيب خطوط قطارات خفيفة ومترو وترام لتخفيف الزحام داخل المدن والحد من التلوث، نجد الجهابذة فى الجهاز الحكومى يتبارون فى رفع خطوط المترو والترام بالقاهرة والاسكندرية (خذوا مثلا خط السيده زينب بهتيم) وخطوط مدينة نصر، وسابقا ترام شارع الهرم الذى يربط اهرامات الجيزة بميدان الجيزة، والان نقترض المليارات للخط الجديد للمترو.. أنا لا ابرئ اصحاب توكيلات السيارات من هذه المؤامرة على الشعب.
رصف الشوارع وفى اليوم التالى نفتح بطنها.. أليس ذلك فسادا بيطلع لسانه للشعب؟