حقا إن ترويج الأمل دون إرادة لتحقيقه هو نوع من بيع الوهم والإحباط للآخرين.
تعليقا على مقالى السابق تحت عنوان «علماء للبيع» جاءت كلمات أحد القراء سوطا لافحا لكل من يدفع شبابنا المبتكر والمتفوق فى دراسته إلى الكفران المبين بكل ما حوله، سواء من يرفع شعارات زائفة من موقع مسئوليته أو حتى من يحاول تحقيقها.اسمه لا يهم أحدا إلا من يبغى الاصلاح فعلا، أما مصيبته فهى أنه أول دفعته بإحدى كليات الهندسة بالأزهر الشريف، ابن لرجل مكافح يعمل باليومية بذل عرقه ودماءه ثمنا لتفوق ابنه ونبوغه أملا فى أن يحمل الابن رايةالنهوض بأبيه وأمه وإخوته ووطنه، نسى مرضه وآلامه حتى تحقق الأمل واستمر تفوق الابن المجتهد يراوده الأمل أن ينال حقه الطبيعى بتعيينه معيدا بالكلية التى تخرج فيها، حتى إذا حانت لحظة الحقيقة أدرك الابن وأبوه أن كليهما كان يطارد خيط دخان ووهما تكوى حرارته كفاح الاسرة كلها: ليس هناك تعيين !
لم ييأس الابن المتفوق وطرق كل الأبواب بالجامعة وصولا لشيخ الأزهر ،ولكن دون طائل،وجاءت كلماته الباكية تنعى حظ مجتهد من أسرة متواضعة مؤكدا أن موقعه المشروع سوف يركبه من لا يستحقه أو يقوم بذلك من يملك أدوات القرصنة والاستيلاء على حقوق الغير بنفسه أو بسطوة أبيه أو أحد الكبار من أقربائه رضاء من أصحاب القرار أو حتى عنوة وغصبا .ويختتم سطوره الباكية : هل بعد ذلك يخرج أحدهم ويتهم من يذهب بعيدا عن الوطن باحثا عن العدل بمصريته أو بالتخلى عنها أنه خائن لوطنه وناسه؟
نعم نعلم جميعا أن الإمكانيات محدودة ،لكن لماذا تكون محدودة أمام البسطاء مفتوحة ممدودة أمام غيرهم يغترفون منها كيف شاءوا لايتركون لغيرهم سوى الحسرة والندامة أو على أفضل الظروف فتاتا متربا ملوثا مغموسا بالذل أو التملق والتزلف أو بإتاوة لايملكونها ويبيعون فى سبيلها الغالى والنفيس ويتمتع بها كل أفاك خرب الذمة؟
إن أسوأ ما يهدد بلدنا هم باعة الوهم مابين كذابين أو متاجرين بآلام الناس مشيعين للإحباط فلا يرون من يعمل بجد أو يبغى صالح هذا الوطن ولا يطالعهم إلا جاهل بلطجى أو رجل أدب يدعى العلم أو رجل قانون يدعى الدفاع عنه أو إعلامى أعمته الملايين وهو القادم من أعماق بيئة مسحوقة.
حققوا العدل بين الناس كى نتحاشى جميعا كارثة تهددنا يقف وراءها شيطان اسمه: الإحباط .