تبدلت أحوالنا، أخذنا من الثورة أسوأ ما فيها، جفاء وشقاق، تباعدنا وتحجرت قلوبنا، انحدرت الأخلاق، وانفلت الشباب، وتراجع الاحترام، اكتسبنا سلوكيات متدنية، صور متردية للجشع، عدوانية وتجبر، قلوب قاسية تعكس تصرفات فظة نترحم بها على أيام زمان. انعدمت العواطف وتراجع الذوق، وهبط مستوى الفن لتصعقنا ألفاظ ومفردات نخجل ونتوارى من طنينها، فوضى جعلت سائقى التوك توك والحنطور يحتلون ناصية الغناء، وفرض البلطجية حناجرهم بالقوة ليرسموا صورة متكاملة لفساد الذوق العام. ووسط الانحدار هناك مواهب راقية حافظت على نفسها واحترامها لجمهورها وتعايشت مع الناس، اختلطوا بالشعب فصاروا عجينة واحدة. حكيم فنان بطعم الشعب لم ينزلق، وتماسك، ينتقى ما يشعر به فيصل لقلوب الغلابة والشقيانين، وطنية تتجسد بالأفعال والكلمات، يلتقط كلماته من أفواه المصريين، ويرسم لوحة وطنية لتلاحم الجيش والشعب، ويغزل بكلماته نسيج الوحدة الوطنية، ويتغنى برمال سيناء التى شربت من دماء حنا ومينا ودم كل المصريين، تاريخ من الفن الراقى والبهجة الممزوجة بالحزن ميزت فنان الشعب حكيم، موهبة رفعت اسم مصر، وتعلق بها الجميع، لدينا فنانون يدركون معنى الدور الحقيقى للإبداع، وحكيم واحد من الذين صمدوا أمام التجريف الذى طال الفن والأخلاق. اقترب حكيم من الشعب فاقتربت منه الجماهير، يعيش وسط همومهم، ويمسح دموعهم بكلماته الصادقة، ويداوى الجراح بريشة فنان موهوب، يضع يده على الجرح، وينتزع الآهات والإعجاب، تتهافت عليها شتى الأذواق، فمن يقترب للناس لابد أن يلتفوا حوله. أمامى حالة متفردة وصورة لمصر الحقيقية جسدتها ملحمة، عم سلامة، الذى أبدعها حكيم فى منظومة فنية متكاملة رسمت صورة واقعية لمصر.
يتساءل فنان الشعب حكيم ونحن معه عن حال مصر ويجسد ما وصلنا إليه لتتكامل الكلمة واللحن والصورة.
«يا عم سلامة راحت فين السلامة والحب والحنان، وليه الغلابة وكلاها الديابة والقسوة فى كل مكان..لا سكة عارفين نمشيها ولا دمعة عارفين نداريها.. أيام غامقة وعايشين فيها والغلبان على طول متهان.. حتى السلام بقى ع الواقف شمال يمين كله مخالف.. ولا حد فاهم ولا عارف ولا حد لاقى لنفسه مكان.. يا عم سلامة ما تقولى فى ايه.. هيا القيامة هتقوم ولا ايه.. ناس بتجرح وناس بتخدع ناس بتدبح وناس بتوجع.. ناس فى سيرة الناس تقطع ناس من الظالمين.. ناس بتشمت وناس بغل ناس كتير مع ناس تقل.. ناس فى رزق الناس بتطمع ناس كتير خاينين.. طعم اللقمة خلاص بقى مر والأيام مش راضية تمر.. قل الخير وكتر الشر والبشر بقى كله حيتان».
إبداع وموهبة صادقة، تشعر بالناس، وتعشق تراب البلد، ورسائل هادفة ترتقى بالذوق العام.. تحية لكل فنان محترم يدرك أن للفن هدفاً ورسالة، تحية للمبدع حكيم.