نهار اسود ومنيل بستين نيلة.. السيد المحترم الموقر وزير الصحة، الرجل المسئول الأول عن صحة الغلابة فى مصر تأثر كثيرا وضميره نقح عليه عندما سمع عن مأساة مرضى الكبد المبتلين بالإصابة بفيروس (سى) فقام باستدعاء أعضاء لجنة الفيروسات وسألهم عن السوفالدى المصرى وهل هو مطابق للمواصفات وبنفس فاعلية وجودة السوفالدى المستورد فقالوا: نعم يا ريس ونؤكد لمعاليك كله تمام وكل دى اشاعات مغرضه.. بيحاربونا يا ريس. مابيحبوش الخير لمصر، مصر..مصر.. تحيا مصر.
هدأت أعصاب السيد الوزير وقال فى سره الحمد لله وأوشك أن يصدقهم لكن شيئا ما حاك فى صدره وجعله غير مطمئن فقال لهم: تكتبون تقريرا بذلك؟ فقالوا جميعا وفى نفس واحد: لا.. إلى هنا والكلام منطقى ومقبول وعادى، إنما غير المنطقى ولا المعقول بقية الحوار كما نقله لنا الدكتور أحمد السواح خبير استراتيجيات صناعة الدواء وجاء على لسانه فى حلقة مذاعة على الهواء فى قناة الحياة الفضائية الاثنين الماضى وكان حوله بخلاف مقدم الحلقة عمرو الليثى مسئولون من وزارة الصحة وغرفة صناعة الدواء ونقابة الصيادلة وهو أن الوزير قال لأعضاء اللجنة، فهل تحلفون على المصحف فقالوا: نحلف، يا وقعة مطينة، مصحف إيه يا راجل، وحلفان إيه؟ دى صحة ناس يا عالم وليست عشرة طاولة أو كوتشينة على القهوة؟
ارتفع ضغطى واحمر وجهى وأذناى وأصيبت زوجتى بالفزع والرعب خوفا على ما تبقى لى من صحة بعد مأساة علاجى بالسوفالدى والانترفيرون وحدوث انتكاسة لى ونصحتنى بإغلاق الشاشة لكنى أصررت على متابعة الحلقة ويا ليتنى ما فعلت.
فقد ضربنى أحد ضيوف الحلقة بمقرعة على أم رأسى عندما قال إن السفير الفرنسى قال فى مؤتمر صحفى بحضور وزير الصحة إن 30% من الدواء المصرى مغشوش.. ركبت دماغى وواصلت متابعة الحلقة فإذا بمسئولى وزارة الصحة يقولون إن الدواء المصرى مية مية وكله تمام، سأل أحدهم ومعه الليثى عاوز تقنعنى أن دواء السكر المصرى اللى ثمنه 57 قرشا زى المستورد اللى ثمنه 70 جنيها.. كان الرد.. كله إلا مصر تحيا مصر.
ذكرنى ذلك بتوفيق الدقن فى فيلم الفتوة عندما قال للمعترض على البطيخ الماسخ ده بطيخ مولانا ولما تقول إنه اقرع يبقى بتشتم مولانا وبتقول ان مولانا اقرع. فوضع الرجل المغلوب على أمره القشر على رأسه وقال: أنعم وأكرم بمولانا وببطيخ مولانا.