يطالبنا الله بأن نتدبر آياته ونقدر قدراته ونعظمها فالله هو المالك للسماوات والارض وبيده الحياة والموت وهو ظاهر فى كل ما تراه العيون وهو لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير.
هو خالق الكون فى ست مراحل حيث كان الكون كرة ملتهبة مرت بها ستة بلايين سنة من اعوام الله حتى صارت صالحه للحياة وكانت السماء صماء لا تمطر والارض لا تنبت ففتق الله السماء بالمطر والارض بالنبات وسخر الهواء والشمس والقمر والليل والنهار وجعل الكون صالحا لحياة الناس عليه وهو عالم بما فى الارض من كنوز ومعادن وبذور وما يخرج منها كالزروع والمعادن والبترول لمصلحة الناس وهو ينزل من السماء المطر بقدر ما يفيد الناس وينزل الملائكة التى لا نراها ويستمع إلى ما يصعد اليه من الدعاء والله سبحانه يطيل الليل فى الشتاء بحيث يمتد إلى 14 ساعة وينقص النهار حتى يصل إلى 10 ساعات ثم يحدث العكس فى الصيف حيث يقصر الليل ويطول النهار وهو مطلع على خفايا النفوس ومحاسب على خفايا السرائر لهذا قال سبحانه «يسبح لله ما فى السموات والارض وهو العزيز الحكيم».
وسأذكر لكم قصة رواها الدكتور عبدالله شحاتة فى كتابه تفسير القرآن الكريم. ان زواج يعقوب «حفيد سيدنا ابراهيم» من امرأة ثانية هى ام يوسف وبنيامين اخيه لم يكن هذا حادثة شخصية فردية انما كان قدرا مقدورا ليحقد إخوة يوسف عليه الذى جاء من غير امهم عليه فيأخذوه ويلقوه فى الجب ولا يقتلوه لتلتقطه رحالة ويبيعوه فى مصر لينشأ فى قصر العزيز لتراوده امرأة العزيز عن نفسه ولكنه يستعلى على الاغراء ليلقى فى السجن ثم يتلاقى فى السجن مع خادمى الملك ويفسر لهما الرؤيا التى شاهداها فى الحلم وحتى هذه اللحظة قد يتساءل البعض لماذا عذب يوسف وعذب أبوه من فقده يوسف ولماذا يتألم يوسف ويتعذب هو من المخلصين وبعد 25 سنة من العذاب جاء القدر يخبرنا بان كل هذا كان لاعداده ليتولى امر مصر وشعبها والشعوب المجاورة لها حينما اصاب البلاد القحط لمدة سبع سنوات ثم ليأتى اليه اخوته طالبين العون والمؤنة ثم ليستقدم يوسف ابويه واخوته إلى مصر ليدخلوها آمنين وهو نسل شعب بنى اسرائيل لكى يضطهدهم فرعون ثم ينشأ من نسلهم سيدنا موسى الذى اختاره الله ليكون نبيا ودينا يؤثر فى حياة العالم حتى الان.
وتستمر القصة فنجد ان زواج سيدنا ابراهيم جد يعقوب من هاجر المصرية لم يكن حادثا فرديا انما كان وما سبقه فى حياة ابراهيم من احداث ادت إلى مغادرة موطنه فى العراق ومروره بمصر ليأخذ منها هاجر لتلد له اسماعيل وليسكن اسماعيل وامه عند البيت المحرم لينشأ من سلالته سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم «من نسل ابراهيم عليه السلام» ومن هذه الجزيرة تنشأ رسالة الاسلام ليكون الحدث الاكبر فى تاريخ البشرية كلها فقد ارسل الله رسوله محمد بالقرآن ليكون هدى وذكرى ونذيراً للعالمين.
ان قدرة الله وراء كل حادث وكل نشأة وكل نقل ولكل مصير ووراء كل خطوة وكل تغيير او تبديل فقدرة الله نافذة شاملة دقيقة.
وأحيانا يرى البشر أى حادث ولا يعرفون تفسيره وقد يظل مجهولا لهم حتى ينقضى عمرهم فتخفى عليهم حكمة التدبير لهذا يعلمنا الله فى القرآن ان كل شىء بقدر وليسلموا الامر لصاحب الامر وتطمئن قلوبهم وتستريح مع ايمانهم بقدرة الله الخالق اللطيف.