في اللحظات التي لا نستطيع فيها السكوت تكون تماما هي اللحظات‪ ‬التي نحتاج فيها إلي السكوت !. ومن أصعب الأشياء علي الإنسان أن يسكت في هذه اللحظات‪ ‬بالذات.. أو بالأحري بتنقيص نقطة واحدة أن يسكن في هذه اللحظات.. والسكوت ليست حالة انقطاع‪ ‬الكلام بل هو الصوت الحقيقي للوجود أما الكلام فهو الاستثناء.. فالسكون هو أصل‪ ‬الأشياء. فقد خرجنا من السكون وسنعود إلي السكون ويسكننا السكون.. ويزول الضباب عن‪ ‬أنفسنا عندما نكتشف مساحات السكون الكبيرة التي تمتد داخل ذواتنا‪. ‬ و إذا تساءلنا عن ما أقوي من الكلام؟ فتكون الإجابه البديهية..‪ ‬الفعل..  فنسأل مرة أخري.. وما أقوي من الفعل؟ وهنا تكون الإجابة  الصمت الذي لا نعرف حجم قيمته‪ ‬ ..لأننا نظن أنه غياب الكلام.. أو أنه اللاشيء. هكذا يخيل إلينا. ونحن‪ ‬الآن نعيش في عصر مصاب بتخمة الضجة والثرثرة واللغو والتلوك بالحديث والنميمة...  ثم في ليلة هادئة نراقب فيها النجوم نتذكر قوة السكون العجيبة. ونعرف في تلك‪ ‬اللحظات أن الصمت ليس إنقطاع الصوت بل هو حالة متكاملة وحاضرة تماما.‪ ‬الصمت هو صوت الوجود الأبدي. ولذلك قالت العرب.. إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب‪. ‬  والآن عزيزي القارئ.. هل يمكن أن تدخل إلي غرفة وتجد فيها‪ ‬مناقشة حامية تمشي بعكس ما تؤمن به وتبقي صامتا؟.. هل يمكن‪ ‬أن يؤذيك أحد بكلام جارح وتظل ساكتا  وساكنا؟ هل يمكن أن تسمع شيئا وتظل ساكنا و‪ ‬بدون تعابير تعكس رد فعل بعينه؟ أو كما قال الحكيم الصيني لاوتسه: هل يمكن أن تبقي‪ ‬ساكنا حتي يستقر الطين في القعر ويظهر الماء النقي؟ !.‪ ‬