يظل الأستاذ محمد حسنين هيكل الكاتب الصحفي العربي والمصري الأشهر علي مدي قرن دون منازع، موسوعة تاريخية وثقافية لا يباريه أحد، غزارة في العطاء، أربعون كتاباً سياسياً تعتبر تأريخا وشهادة علي تاريخ الأمة العربية، رجعت بي الذاكرة، حين كانت تحرص العائلة علي شراء جريدة الأهرام قبل أن تنفد، لمتابعة مقاله الأسبوعي « بصراحة»، وعيت علي الدنيا ومقالاته تشكل وجداني، تذكرت كيف قرأت كتابه «خريف الغضب»، في منتصف الثمانينات، حين أحضره خالي من الخارج في شكل ورق مصور، لأنه كان ممنوعا تداوله في مصر، ولكننا تعودنا علي كتاباته منذ صغرنا، قد يتساءل البعض من يخلف هيكل، لم يخلفه أحد، ولم يتكرر، كل شخص يشبه نفسه، فهو متقد الفكر وحباه الله بذاكرة خرافية، تعجبت كيف يتذكر كل هذه المعلومات حتي لو صغيرة وهو في هذه السن، وكيف يحتفظ بكل وثيقة، هيكل شخصية استثنائية صحفية وسياسية، حتي لو اختلفنا حول انتمائه السياسي، ومدي حياديته نحو أي فصيل، فهو أقرب للشخصية الدبلوماسية عن الشخصية الصحفية، لما تتمتع شخصيته من جدلية وحجة وبدون غلط أو توجيه ألفاظ لا تليق، سيرة ذاتية تتلاقفها الأجيال بعيداً عن الوسط الصحفي فكتبه تدرس في العلوم السياسية لأنها تسجل تاريخ أمم وخاصة الأمة العربية، بموت الأستاذ ماتت مرحلة تاريخية مهمة، هيكل رجل عصامي بدأ عمله الصحفي من الصفر، علي الأقل لم يدخل عالم الصحافة بواسطة ولا ابن أحد، وبمهارته الفريدة المتفردة أصبح أغلي وأشهر صحفي عربي علي الإطلاق، فهو مدرسة قائمة بذاتها، ولم تنتم لأي مؤسسة، مدرسة المعلومة والبحث عن الوثائق والحجج غزيرة القراءة، لم يمت الجورنالجي