ليسوا بلطجية ولا مأجورين.. لا يحملون قنابل ولاهم إرهابيون.. لا يتجمهورن فيعطلون مصلحة المواطن ولا يرغبون في قلب نظام الحكم لا سمح الله، وحتي الآن لم يٌلفق لهم تهمة الاشتراك في تنظيم سري داعشي زنديق، أو إدارة صفحة علي الفيس بوك بدون ترخيص مثلاً او أي تهمة من التهم إياها المتداولة هذه الآونة... إنهم «الدحيحة».. نخبة الثانوية العامة.. فإن الحشد الذي رأيناه في «عمومية الكرامة» لأطباء مصر وتجمع قرابة 10 آلاف طبيب، موقفا لا يمكن أن يمر علينا مرور الكرام، خاصة انهم فئة مثقفة واعية فلا يستطيع أحد أن يقول عليهم مجرد شباب طائش «حاطط جيل في شعره» و«مسقط البنطلون» أو تتبع معهم الدولة أسلوب «خليهم يتسلوا» الذي سئمناه من قبل، ولا يمكننا إنكار تفاعل الكثير من المواطنين معهم وإن إقتصر هذا التفاعل علي تعاطفهم فقط.. فمن منا يستطيع ان يُهمش دور «حزب الكنبة» في إندلاع ثورة 25 يناير.. ؟
نخرج من هذا المشهد بعدة نقاط في مقدمتها أن الأمل مازال موجوداً في النقابات وان تركيزنا الفترة المُقبلة علي بناء نقابات ذات أسس صلبة قد يكون طوق النجاة لرفع راية الأخلاق والقيم في مواجهة البلطجة الفكرية وفوضي التشريعات وحالة العبس التي نعيشها.. ثانياً أن المقاطعة ليس حلاً ولا تبني دولة.. ولو كان الدكتور حسين خيري نقيب الأطباء ووكيلته الدكتورة مني مينا قاطعا الإنتخابات لحلا محلهما الآن إثنان أخران من أصحاب نظرية «كلنا فاسدون» أو «تطبل تعيش» بل كانت المواقف تبدلت وربما كانت النقابة حينها سلمت الأطباء «تسليم أهالي» للداخلية..
أدعم نقابة الأطباء في التمتع بالحماية أثناء تأدية عملهم ولكني اتمني منها محاربة الفساد الذي أصبح يلوح في أفق وزارة الصحة فلا ننسي بحور الإهمال التي تغرق بها مستشفيات مصر.. بينما يدهشني حقاً الطرف الآخر فما أشبه الليلة بالبارحة واتعجب هل نسيت الدولة أن السبب في إندلاع ثورة 25 يناير كان حادث أمناء الشرطة ومقتل خالد سعيد.. والآن بعد تكرار المأساة بمقتل سائق «الدرب الأحمر».. أتساءل ألم يأن الآوان لإعادة هيكلة الداخلية بل وتقليم أظافرها إن لزم الأمر ذلك؟ ومايزيدني إندهاشاً أن هناك العديد من ضباط الشرطة تتم الآن محاكمتهم إذا إرتكبوا خطأ ولكن المعاملة مع أمناء الشرطة «حمادة تاني خالص» فإن منظومة أمناء الشرطة في مصر قد نقر السوس ضلوعها فهم يرتشون ويسحلون ويعتدون كيفما يشاءوا بل يغلقون مدريات أمن وأقسام إذا أرادوا.. ويبقي السؤال هنا.. هل تتحرك الحكومة لانتشال دولة القانون من الهواء أم أنه حقاً «مافيش حاتم بيتحاكم»..؟