أشد أنواع العذاب.. أن يعيش الفرد فى مجتمع يغيب عنه العدل.. وتهون فيه الكرامة.. وتضيع فيه الحقوق.. ويسود فيه الظلم والمحسوبية.
كل هذه المعانى كانت ماثلة أمامى وأنا استمع إليه.. شاب فى مقتبل الثلاثينات من عائلة عريقة لديه وظيفة مرموقة ووضع اجتماعى مميز.. باختصار يمتلك كل مقومات الحياة المريحة التى تجعل منه إنسانا سعيدا وراضيا.. ومع ذلك هو غير راض تماما عن حياته.. ليس طمعا فى المزيد.. ولكن لأنه رافض للتمييز فى المعاملة بينه وبين أى مواطن آخر بسيط.. كلماته كانت حزينة وهو يروى وقائع التمييز والتفرقة فى المعاملة بين المواطنين فى الجهات الحكومية وعلى حد تعبيره « هناك ناس تنباس.. وناس تداس بالأقدام « الوقائع التى رواها كثيرة منها على سبيل المثال ما حدث أمامه عندما ذهب إلى إدارة المرور لترخيص سيارته الجديدة.. على بوابة المكان استوقفه أمين الشرطة وبعد أن عرفه بنفسه على الفور فتحت له البوابة للدخول.. خلفه مباشرة كان هناك شاب آخر لا يقل عنه وسامة وشياكة.. استوقفه أمين الشرطة أيضا.. لكن هذه المرة لم تفتح البوابة للشاب ليدخل.. قال له الأمين : روح اركن العربية فى أى مكان بره وتعالى استنى دورك لما ننادى عليك للفحص.. سأله صديقنا ليه «مدخلش جوه» ؟ رد أمين الشرطة مش كل الناس بندخلها يا بيه!! اتفضل حضرتك فى مكتب رئيس الوحدة واحنا هنخلص لك اجراءات الفحص.. رد بانفعال شديد أنا مش حتفضل.. أنا ح أقف مع الناس فى الطابور.. التمييز ده جابنا ورا .. ماحدش على راسه ريشة.. كلنا فى مركب واحد وبعد أن أنهى اجراءاته خرج وهو يضرب كفا بكف.. ليه يا بلد تعملى كده فى ولادك.. ايه الفرق بينى وبين أى مواطن عادى ملهوش محسوبية.. فين المساواة يا بلد.