عندما سألته لم تقرب اليك هؤلاء وغيرهم وأنت تدرك تماماً نواياهم وقدر بعدهم عن الحق وعنك... أغلبهم لا يفقهون شيئاً ولا يكادون يفهمون... يسيئون اليكم أكثر مما قد ينفعون... وجودهم - في زعمي - مثل عدمهم بل إن عدمهم أفضل لو كانوا يعلمون... بعض الوقت مر وهو يفكر قبل أن يجيب في حسرة بدت من نبرات صوته لم يستطع أن يخفي ملامحها علي وجهه الذي تغير بعض الشيء... قل لي أين البديل... هم العدو لا أنكر... أدرك تماماً علانيتهم وما تخفي نفوسهم أبشع... لكن من أين لي بآخرين وقد ضن الزمان بنا وأبي الا أن يترك لنا الزبد الذي رفض أن يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس ما عاد يمكث في الأرض... لم أدر ماذا أجيب... هم بالفعل كثر أينما وليت وجهك تصدمك وجوههم الكالحة... مهنتهم النفاق... يجيدونه... يتوارثونه أبا عن جد... تجدهم في كل واد يهيمون... يقولون دائماً ما لا يفعلون... يطيحون بكل مجتهد... يفشون اسرارك... يقتاتون أعراضك... يلوكون بألسنتهم أسرارك... بأسهم بينهم شديد... تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتي... هم العدو بالتأكيد... في كل مكان... زمان... بطول وعرض « المحروسة «... تجدهم هناك... وراء كل باب... بجوار وخلف كل رئيس... كل وزير... كل مسئول... كلامهم معسول لكنه لا يقدم ولن يؤخر... يزينون لك الباطل حتي تفعله... إن فعلت وواصلت في منصبك أغدقوا عليك حلو الحديث... برروا لك كل ما تفعل ولديهم القرآن وسنة الرسول - صلي الله عليه وسلم - يجتزئون منهما ما يريدون... أما إذا زال عنك كرسيك وصولجانك وأوامرك التي تتلي أناء الليل وأطراف النهار وهو أمر قد قدره الله لك ولغيرك مهما طال الزمان أو قصر... لن تجد منهم سوي الطعن في الظهر... يدعون أنهم طالما قالوا... طالما قدموا النصيحة حتي جف الحلق منهم لكنك أبداً لم تكن من السامعين... أبداً لم تنصت اليهم يوماً... نسوا تقبيل الأيادي وأحيانا الاحذية... نسوا الركوع في حضورك والسجود... التذلل كلما أشحت عنهم بوجهك أو حديثك... ما عادوا يتذكرون أحاديثهم السابقة عنك... ذكاءك... حضورك... نسوا... تناسوا كل ما فات... بات جل همهم الوافد الجديد يسمعونه كل ما أسمعوك... يقصون عليه ما كانوا يقصون عليك... سيدي أينما كنت وكيفما أصبحت... لا تستمع اليهم... خالفهم الرأي... ان لم يكن سواهم... تجنبهم... إن لم يكن غيرهم... ابتعد عنهم... أغرقوا كل من كان قبلك واليوم يغرقونك... سيدي أينما كنت وأينما أصبحت كن عليهم ولا تكن معهم وبهم... العدو هم فاحذرهم.