واجبنا إن أردنا هذا الوطن أفضل وإن أردنا ضمان كفاءة المؤسسات أن ندرس مشكلاتها وأن ننظر بأسباب أخطائها، لنعالجها بما يمنع تكرار الوقوع في الخطأ

لست في محل قاض ولا عارف بالنوايا لأجزم بأن ما حدث في قضية الممثلة غادة إبراهيم التي قضت فيها المحكمة بتبرئتها هو تصيد شخصي مغرض أم نتاج لعدم الكفاءة والرعونة ولكن وأياً كانت الحقيقة أري التفسير الأخير «ينسحب» ليمتزج بالأول في ناحية عدم الكفاءة لأن صاحبه إن كان هذا هو الحال فشل في تحقيق غايته..!!
والذي وبافتراض حسن النية يشغلني أكثر هو مستوي أداء ضباط البحث الذين أشرفوا علي هذه القضية التي لم تقدم للمحكمة ما يطمئن معه ضميرها إلي صحة الإدعاءات والاتهامات المذكورة بمحاضر الشرطة.. ففي هذه الحالة الخصوصية التي صارت إلي علن وعمومية لطبيعة تمتع المتهمة الرئيسية بها بلون من الشهرة.. انفضحت خيبة التحريات ومن أجروها سواء لخطأ غير مقصود أم بتعمد وتسرع بالقفز إلي استنتاجات لا تستند إلي معلومات وحقائق واقعية ملموسة لها وجود علي الأرض..
وبوضوح أقول ليست واقعة مثل تلك المخلة بالشرف والجالبة لازدراء المجتمع لمواطن بعينه، «إلا» مثل فاضح علي ما يمكن أن يتسبب به قلة التدريب وتراجع مستوي التعليم الشرطي نفسه، وهو الأمر المتصور والطبيعي الذي لابد أن يكون ألم بأكاديمية الشرطة كما ألم بباقي الأكاديميات التعليمية العليا المدنية في مصر خلال سنوات حكم «المخلوع» مبارك والتي شهدت تغييرا حتي مسمي أكاديمية الشرطة إلي أكاديمية مبارك للأمن فقدر جهل مبارك وقدر عدم كفاءته «سارت» الأمور في اختياراته لمن يديرون منظومة التعليم الأمني سواء بالأكاديمية أو غيرها من معاهد الأمن الشرطي، وهكذا تراجع مستوي المدرسين والخريجين علي حد سواء.. !!
و ليس النقد هنا تصيداً للشرطة ولدورها كهيئة وطنية كما لا يمكن أن يكون النقد تصيداً لعيوب وعورات في الأزهر والإعلام والتعليم والصحة باقي مؤسساتنا التي أنهار أداؤها، وإنما واجبنا إن أردنا هذا الوطن أفضل وإن أردنا ضمان كفاءة المؤسسات أن ندرس مشكلاتها وأن ننظر بأسباب أخطائها، لنعالجها بما يمنع تكرار الوقوع في الخطأ وربما نصل إلي مرحلة الارتقاء بالتميز.
وإذ قضت المحكمة بالبراءة.. صار مهماً أن نسأل من يتحمل نتيجة التشهير والإساءة لسمعة مواطن وجهت إليه تهمة تضعه في مصاف الأحط والأقذر بين البشر ؟؟، ومن يتحمل عواقب إشاعة الشك في أداء الجهاز الشرطي الذي نركن إليه جميعاً في حماية المجتمع وإنفاذ العدل وليس العكس ؟؟
وسواء أكان سوء نية أم رعونة وعدم كفاءة.. فالأكيد أننا أمام خلل جسيم في الفكر والدراسة الأمنيين انعكس سلباً علي أداء قطاعات مؤثرة من جهازنا الأمني صاحب التاريخ الحافل الناطق بالكفاءة، وبوضوح أقول إن التعليم والتدريب وتنمية مهارات البحث والتحري ليسوا بأقل أهمية من التدريب علي حمل السلاح وحماية المنشآت.. نريدها شرطة مؤتمنة، كفؤة وقادرة.
« ببساطة» وبالبلدي سعادتك لم تقدم تحريات دقيقة مضبوطة ولا تسجيلات ولا هناك حالة تلبس.. ازاي عايزها تبقي قضية دعارة يا باشا..!!