قرأت في إحدي الصحف الخاصة منذ أيام قصة صحفية لأحد محرريها نقلاً عن شبكة »‬سي. إن. إن» الفضائية الأمريكية تتضمن حديثاً غريباً لقائد وعسكري أمريكي سابق اسمه »‬رييس».. قال هذا القائد وفقاً لما نشرته الصحيفة: »‬لو كنت مكان الرئيس عبدالفتاح السيسي لدخلت ليبيا وسيطرت علي مقدراتها الاقتصادية والاستراتيجية». أكد أن قيام السيسي بهذا العمل سوف يؤدي إلي إنقاذ ليبيا وحماية شعبها. وفيما يتعلق بالدعوة التي أطلقها الرئيس المصري لإنشاء قوة موحدة.. قال: »‬إن الفكرة جيدة من الناحية الاستراتيجية علي الورق. لكن يمكن أن يكون هناك بعض الصعوبات في تنفيذها من الناحية التكتيكية». وللرد علي من يتحدث عن عدم إمكانية تشكيل هذه القوة العربية المشتركة أضاف »‬رييس» أن هناك قوة عسكرية عربية موحدة تسمي درع »‬الجزيرة» تضم ٤٠ ألف مقاتل يمثلون دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلي مساندة ملك الأردن عبدالله الثاني لمقترح السيسي. أعلن أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تساعد في جمع الدول العربية بعضها مع بعض. الحقيقة أنني وبعد قراءتي لهذه القصة الصحفية وجدت نفسي أبتسم متذكراً ما سبق ودار بين الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك والرئيس السابق معمر القذافي. تم ذلك في إحدي زياراته لليبيا والتي دائماً ما كان هدفها الحفاظ علي وجود وحقوق العمالة المصرية التي كانت تعد بأكثر من مليون ونصف المليون عامل مصري. جرت وقائع الحوار الذي دار علي سلم الطائرة في مطار طرابلس علي ما أذكر في أعقاب غزو صدام حسين للكويت والذي كان القذافي داعماً ومؤيداً له. قال مبارك للقذافي بعد نزوله من الطائرة وتبادل الأحضان إن مساندته لما قام به صدام حسين يعد موافقة ضمنية لأن تقوم مصر أيضاً بغزو ليبيا والاستيلاء عليها. كانت هذه العبارة بمثابة مفاجأة لحاكم ليبيا الذي أطلق عليه الرئيس الراحل أنور السادات اسم »‬مجنون ليبيا» وهو ما جعله يقابلها بضحكة لا تعبر عن أي شيء سوي الشعور بالتوجس الداخلي. هذا الذي قاله الرئيس الأسبق مبارك لم يكن من هدف له سوي التندر بموقف القذافي ليس إلا.. إن مصر ظلت علي مدي تاريخها ومازالت دوماً ملتزمة بالقيم الأخلاقية والمواثيق في سلوكياتها وعلاقاتها علي المستوي العربي والاقليمي والدولي. في هذا الإطار جاء تحرك الرئيس السيسي بإصدار تعليمات بتوجيه الضربة الجوية التأديبية إلي تنظيم داعش في »‬درنة الليبية». لقد تم ذلك في إطار هذه المواقف الثابتة حيث لم يكن من دافع لها سوي الانتقام لعملية ذبح ٢١ مواطناً مصرياً والتأكيد بأن مصر لا يمكن أن تفرط أبداً في أي حقوق لأبنائها. ما جري كان علي نفس نسق ما أقدم عليه الرئيس الراحل أنور السادات ـ رحمه الله ـ عندما أصدر تعليماته إلي قواتنا المسلحة بتأديب القذافي لكبح جموح شطحاته العدوانية والتي تجلت في القيام بسلسلة من الممارسات الإرهابية ضد مصر.