الأحزان مازالت تملأ القلوب الملتاعة.. والدموع تكوي العيون الحزينة.. والمشاعر الإنسانية لا تستطيع أن تنسي لحظة أبعاد وحجم هذه الكارثة الإنسانية.. نعم دخل الحزن كل بيت مصري فالضحايا بينهم 40 زهرة وشابا سواء ركابا أو من طاقم هذه الطائرة المصرية المنكوبة.
فلقد بدأت المأساة الأليمة فجر الخميس الماضي عندما شاءت قدرة الله تعالي ألا تصل طائرة مصر للطيران الإيرباص 320 من مطار شارل ديجول إلي مطار القاهرة لتحدث الفجيعة التي أقلقت وأحزنت العالم كله خاصة وأن راكبي الطائرة كانوا من مختلف الجنسيات.. ورغم مرور أكثر من أسبوع فإنه لا أحد يستطيع أن يجزم بالسبب الرئيسي لحدوث هذه الكارثة سواء كان الإرهاب هو السبب أو الأعطال الفنية أو غياب الصيانة أو أيا كانت الأسباب فإن الخبراء من فريق التحقيقات الذين يتزعمهم المصريون والفرنسيون مازالوا يبحثون في حطام الطائرة التي استطاعت قواتنا المسلحة من طائرات حربية وسفن بحرية انتشال حطامها من أعماق البحر المتوسط.. ولكن مازال اللغز ينتظر العثور علي الصندوقين الأسوديين للطائرة والتي يتوقع الجميع أن تتجلي الحقيقة عندما يتم فك ألغازه بالكمبيوتر.
منذ هذه الواقعة شعر الشعب المصري كله أن المصاب الجليل هو شخصي له وأن الطيار والمساعد وطاقم الضيافة ورجال الأمن وجميع الركاب مهما اختلفت جنسياتهم هم أبناء مصر والحزن عليهم دفين وأليم ولا ينتهي أبدا.. كلنا تابعنا تلك الصلوات التي أقيمت علي الغائب في المساجد وهذه القداسات التي شهدتها الكنائس تؤكد قيمة هؤلاء الضحايا.. والذين ندعو الله تعالي لهم جميعا أن يكون مثواهم الجنة.. ولعل هذا التقارب والترابط الرائع لموظفي وطياري شركة مصر للطيران وتكاتفهم معا يؤكد أن هذه الشركة المصرية الوطنية العملاقة لن تموت أبدا ولن تتراجع عن تحقيق تألقها وتفوقها التي تصنعه بتكاتف أبنائها الذين يبلغ عددهم 33 ألفا يعملون علي أسطول يتكون من 81 طائرة يجوبون بها سماء الدنيا ويهبطون ويصعدون من كل مطارات العالم منذ 84 عاما عندما أسسها الاقتصادي المصري العظيم طلعت حرب لتكون دائما في مقدمة شركات العالم وأكثرها أمنا ويكفي أنها أقل شركات الطيران المحلقة في السماوات في معدلات الحوادث وأنها ليست من الشركات التي تأتي في قائمة العشر الأسوأ في حجم الحوادث خلال العشر سنوات الأخيرة مثل أمريكا، بريطانيا، فرنسا علي سبيل المثال.
إننا منذ هذه الفاجعة أصبحنا نسمع ونتمسك بهذه المبادرات الوطنية التي أطلقت في جميع مجالات السياحة والسياسة والإعلام بأن نتمسك جيدا بالسفر علي أسطولنا المصري للطيران وألا نسافر علي طائرات أخري بل ندعو الدنيا كلها لركوب مصر للطيران وأن نقف جميعا صفا واحدا لدعم هذه الشركة التي نفتخر جميعا بأنها شركة مصرية ووطنية ويكفي أن جميع دول العالم بدأت تدعو شعوبها للمجئ إلي مصر للسياحة وسمعنا من فرنسا تلك الدعوة التي أطلقت لعودة السياحة إلي مصر وأيضا رأينا وزيرة السياحة اليونانية تأتي لزيارة مصر علي طائرة مصر للطيران.. إننا ننادي ونفتخر أن نقول : كلنا مصر للطيران.