ويقف علي حرف الدنيا الفانية راضياً مرضياً، لم ينس أبداً قسم »أبقراط»‬، والطب عنده رسالة  وأصر المغفور له الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي علي حضور الدكتور إبراهيم بدران أولا قبل أن يفتي في أمر الاستنساخ، وما أن قدم الدكتور بدران يمشي علي الأرض هوناً حتي هش وبش الإمام لمقدمه، وقال له افتني يامولانا في أمر الاستنساخ، وبفيض من علمه، وبتواضع العلماء جلس في حضرة الإمام، صار يشرح بصوت خفيض ما خفي عن فضيلته، وكان الإمام يؤمن علي قوله بابتسامة الرضا، كنت مدهوشاً من حوار العلماء، ثم التفت فضيلته إذ فجاة، وقال: أسمعت يا بني من العلماء، أطلبوا العلم من العلماء، وطالما قال الدكتور بدران مثل هذا القول الطيب.. إذاً الاستنساخ بغرض إعانة المريض علي الحياة.. حلال.. في زمن صعيب، تبحث عن طبيب أريب في قلب العتمة، الدكتور إبراهيم بدران سراجاً منيراً، نور القرآن يشع من عينيه، ينير وجهه، يغسل أحزان نفسه، وحب الرسول -صلي الله عليه وسلم- ملك عليه نفسه، وفي جوار السيدة نفيسة (نفيسة العلوم) يطبب نفسه، من محاسيب السيدة نفيسة، وصوت أم كلثوم في »‬ولد الهدي» غذاؤه.. يحب الحب في أهله، عجباً لا يعرف سوي الحب، الكلمات تخرج من فِيِه حلوة المذاق، ينطق بالحق اعتقده، وبالحكمة بنت السنين من حكيم، ويقف علي حرف الدنيا الفانية راضياً مرضياً، لم ينس أبداً قسم »‬أبقراط»، والطب عنده رسالة، وبعد هذا العمر الطويل لايزال يتذكر أساتذته حباً واعترافاً بالجميل، من علمني حرفاً. الاقتراب من عالم الدكتور إبراهيم بدران ليس نزهة خلوية، لن تعود منها كما ذهبت، سيحلق بك كبير المقام في عوالم صوفية ملونة رائعة، تعود من الرحلة في حالة صفاء، ونقاء، وحب لبني البشر أجمعين، وتنتحب صمتاً ودمعه يسيل رقراقاً من عينيه مدراراً وهو يتألم لألم الفقراء. عد الجروح يا ألم، والمحن الإنسانية القاسية التي مرت بهذا الرجل لم تورثه سوي إيماناً بالقضاء والقدر، تفلت دمعة عزيزة غصب عنه وهو يتذكر الابن يموت بين يديه، والحفيد يختاره ربه في أصقاع لندن، وفي كل مرة ييمم وجهه إلي السماء كما وجهه سيد الخلق أجمعين حين اختار ربه ابنه ابراهيم، فقال »‬إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون»، راضياً بالقضاء، الدكتور بدران هو منهم »‬الَّذِينَ إذا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ» البقرة 156.. »‬طبيب الغلابة» حقا، ليس بسعر الفيزيتة، سعر فيزيتة الدكتور بدران قربي إلي الله في عباده، »‬طبيب الغلابة» لقب استحقه من حب الغلابة، ودعاء المحتاجين، الغلابة همه، يحزنه حال مريض غلبان هده المرض العضال، فجاء إليه طالباً الشفاء، والشفاء من عند الله، يبلسمه بيد حانية، ويطعمه من حلاوة الإيمان، يعالجه بالحب، من أين لمثل هذا الرجل بكل هذا الحب، نهر فياض.حنون علي المرضي، يمر عليهم يمسح علي الرءوس، ويربت علي الظهور، ويقف علي أسباب المرض مستلهماً الشفاء من عند الله. توزّر.. صار وزيراً، أيام السادات، ولا ينسي كلمة الشيخ الشعراوي لرئيس الوزارة ممدوح سالم حيث قال له معلقاً علي إعلان السادات لقرار الإقالة: »‬يا سي ممدوح، الحمد لله أنك أذقتنا طعم الوزارة حتي لا نشتهيها مرة أخري»..