لا نستطيع ولا يجب ونحن نلقي نظرة فاحصة ومتأملة علي ما يجري في عالمنا العربي من أحداث، وما يموج به من تطورات متسارعة، أن نغفل علي الإطلاق الكم الكبير من القلاقل والاضطرابات القائمة في أماكن كثيرة منه، وكم النيران المشتعلة والحرائق المستعرة في مناطق عديدة به. وإذا دققنا النظر إلي مجمل الصورة وحقيقة الأوضاع علي أرض الواقع العربي، لرأينا ما لا يسر ولا يبعث علي التفاؤل، في ظل التفكك الذي أصاب الدولة العراقية، والانهيار الذي يستهدف الآن الدولة السورية، واندثار وسقوط الدولة الليبية، والسيولة في الأوضاع اللبنانية، والضياع المسبق للدولة الصومالية، وصولا إلي النيران المشتعلة بالأراضي اليمنية. ورغم ذلك كله، وبالرغم مما تحمله الصورة العامة في طياتها من عتامة وضبابية، وما تعكسه من إحباط وقتامة، إلا أننا لا نستطيع، ولا يجب، ونحن نتأملها ونمعن النظر إليها، أن نغض الطرف أو نتجاهل المحاولات المشبوهة والواضحة لجر المملكة العربية السعودية إلي آتون الاضطرابات والقلاقل المشتعلة علي الخريطة العربية شرقاً وغرباً. ويخطيء من يظن أن هذه المحاولات مستحدثة أو جديدة، فذلك ظن في غير موضعه، بل هو ظن خاطئ تماماً وغير صحيح بالمرة، حيث أن هذه المحاولات قديمة كما أنها غير طارئة، بل هي قائمة منذ سنوات، وسنوات. هذه المحاولات كانت ولاتزال الجزء الأساسي في المخطط المرسوم لتفكيك المنطقة العربية وإعادة تركيبها من جديد، في إطار ما سماه المخططون والمنفذون له بالشرق الأوسط الجديد، والذي يري أصحابه والمخططون له أنه لا يمكن إتمامه أو اكتماله دون إغراق مصر والسعودية في مستنقع الفوضي الخلاقة التي تنتهي بانهيار الدولتين. وفي ذلك، كان الهدف ولايزال هو إقامة الشرق الأوسط الجديد والمختلف عما هو قائم الآن، وذلك يستتبع بالضرورة أن يكون هناك عالم عربي جديد، يقوم علي ركام المنطقةالعربية القائمة الآن، وذلك بتفكيك دولها وإسقاطها .. وإعادة تقسيم المنطقة من جديد، وذلك عن طريق إشعال الفتنة الطائفية بها، سواء بين السنة والشيعة، أو الأكراد والعرب، أو العلويين والسنة أو.. أو الأقباط والمسلمين. »‬وللحديث بقية»