سارع وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة برفع ما صدر عن الاجتماع الذي عقده هذا الأسبوع وما أطلق عليه »وثيقة تجديد الخطاب الديني»‬ وكأن هذه القضية الخطيرة يمكن أن تتم في مؤتمر يعقد ليوم واحد، يحضره بعض الوزراء المهتمين بالتلميع الإعلامي، ما قام به وزير الأوقاف بمعزل عن الأزهر، تجاوز خطير يشير إلي سلوك لا يهدف إلي خدمة الإسلام ومحاولة إخراجه مما يتعرض له من تشويه، سواء من داخله أو خارجه، سوف أنحي جانبا ما يحويه من الرغبة في التقرب وإثبات أن سيادة الوزير الذي يملأ الدنيا ضجيجا ولا نجد له طحينا، هو المسارع بتنفيذ توجيهات السيد الرئيس، وهو الملبي الأسرع في قضية خطيرة كهذه، تحتاج إلي التأني والفحص، وحتي أدلل علي خطورتها وضرورة التعامل الرصين معها، أحيل إلي الدراسة المعمقة التي نشرتها الأهرام أمس للدكتور نبيل عبدالفتاح، الباحث الجاد المحترم، في موضوع تجديد الخطاب الديني، الذي شارك في إعداد الوثائق الثلاث المهمة التي أصدرها الأزهر بالاشتراك مع نخبة من المثقفين الكبار، واستغرق إعدادها عاما كاملا بعد يناير ٢٠١١. وللأسف تجاهل الإعلام هذه الوثائق، وبعض مؤسسات الدولة. أتوقف عند محاولة وزير الأوقاف تجاوز الأزهر وتقديم نفسه كبديل من خلال تنظيم مؤتمر بعيدا عن الأزهر، مما يدخلنا في فوضي الجهد المبذول من أجل تجديد وإصلاح الخطاب الديني، وهذا إجهاض لدعوة الرئيس التي أعتبرها من أخطر ما أقدم عليه رئيس أو ملك أو خليفة في الخمسة عشر قرنا الممتدة منذ نزول الإسلام. غير أن ما أقدم عليه الوزير يحوي معني آخر، هو تفكك مؤسسات الدولة الرئيسية، خاصة تلك المعنية بالشأن الديني، وانفراد جهة بجهد من هذا النوع مخالفة دستورية، حيث يعتبر الأزهر المرجع الرئيسي في الشأن الديني. غير أن مشاركة بعض الوزراء، تشير إلي مساندة جهات في الدولة لمثل هذا السلوك، بهدف إضعاف دور الأزهر من خلال تقديم بديل له. وهذا خطير، خطير. إضعاف الأزهر كمؤسسة، ومحاولة تقديم بديل له، يؤدي إلي نفس الهدف الإخواني الذي كان يسعي إلي تدمير المؤسسة الأساسية في العالم الإسلامي، حتي لا توجد مرجعية إسلامية ذات مصداقية عالمية عند السُّنَّة والشيعة، وهذا يصب في مصلحة الإرهاب. الأزهر قاوم محاولات الاختراق الإخوانية، وتكريس مرجعية المرشد ومعه خليفة داعش. ما يقوم به وزير الأوقاف يؤدي إلي نفس الغرض. كان يجب أن يعمل من خلال الأزهر وألا يقوم بجهد بديل،  نقد الأزهر مطلوب، ولكن حصاره وإيجاد بديل له، كارثة بكل المقاييس، هذا ما يحاوله ذلك الوزير الذي لا يقوم بمهامه الرئيسية في الحفاظ علي أوقاف المسلمين وما يتبعها من مساجد، لم يسهم في رعايتها وصيانتها وتركها نهبا للصوص الآثار، وأضرب مثالا بمسجد المرداني الذي تقدم الأغاخان مؤخرا لصيانته. أي محاولة لتقزيم الأزهر أو إيجاد بديل له، ضرب للإسلام في الصميم ومساندة للإرهاب المتستر بالدين.