هذه ليست جريمة عادية، ولا يجب النظر إليها علي أنها كذلك،...، ورغم انها جريمة بشعة بالتأكيد، إلا أنها ليست مألوفة ولا تندرج في نطاق ما يقع من أفعال اجرامية كل يوم، من بعض الخارجين علي القانون أو معتادي الاجرام، أو حتي نتيجة الانفعال المفاجئ لأحد من الناس العاديين، وخروجهم عن حدود السيطرة العقلية. وهذا هو ما يدعونا للتوقف أمامها بالتأمل، والاشارة إليها بالتنبيه، والنظر إليها والتدقيق فيها باهتمام شديد ومستحق،...، حيث انها تحمل في طياتها دلائل خطرة تستوجب هذا التنبيه وذلك الاهتمام. والجريمة التي نتحدث عنها، هي تلك التي وقعت في قرية «عزالدين» مركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، حيث قام أحد أهالي القرية بشنق أحد المواطنين بها، انتقاما منه لقتله شقيقه بعد خلاف بينهما حول الميراث. ومن لا يعرف التفاصيل يتصور ان الجريمة تمت في الاطار المعتاد، حيث العنف وارد في الصراع القائم والمستمر بين البشر في كل مكان وزمان علي الأرض وحيثما توجد حياة، وحيث من الوارد في أي لحظة ان يتطور هذا العنف ليصل إلي حد الايذاء البدني أو حتي القتل. وفي هذه الحالة، يكون المتوقع والمعمول به في كثير من الاحيان، هو ترك الأمر إلي سلطة الدولة لإعمال القانون والقبض علي الجاني وتقديمه للعدالة كي تقتص منه جزاء ما ارتكبه من جرائم. وفي بعض الاحيان يحدث الاستثناء، بأن يقرر أهل الضحية الأخذ بالثأر من القاتل وذلك بقتله انتقاما وثأرا لأنفسهم،...، وهذا قد يحدث في الصعيد وبعض القري بالمحافظات، وعادة ما تتسم هذه العملية الثأرية بالفردية ويقوم بها اقرب الناس إلي القتيل مثل أخيه أو ابنه. ولكن اللافت للنظر في هذه الجريمة ان تفاصيلها والملابسات الخاصة بها تخرج عن هذا الاطار الفردي أو العائلي لتدخل في اطار جماعي، حيث شاركت القرية كلها في الجريمة - إذا صحت التفاصيل التي اوردتها الصحف يوم الثلاثاء الماضي - حيث تقول إن أهالي القرية طاردوا القاتل وامسكوا به، ثم قيدوه بأحد أعمدة الكهرباء بالقرية، وبعدها جاءوا بشقيق القتيل الذي قام بشنقه بالحبل،...، وهذا شيء خطير - إن صح - ويستوجب الاهتمام منا جميعا لما يحمله في طياته من دلالات ومعان لا يجب تجاهلها أو غض الطرف عنها،...، منها علي سبيل المثال وليس الحصر ان هؤلاء جميعا تجاهلوا سلطة الدولة وأخذوا القانون بأيديهم، وحكموا بالاعدام ثم نفذوه.